مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٧٤
وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين، فإنه جعل إلي عهده، والامرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقدة أمر الله بشدها، وقصم عروة أحب الله إيثاقها، فقد أباح حريمه، وأحل محرمه، إذ كان بذلك زاريا على الامام، متهتكا حرمة الاسلام، بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات، ولم يعترض بها على الغرمات، خوفا على شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية ورصد فرصة تنتهز، وبايقة تبتدر، وقد جعلت لله على نفسي إذا استرعاني أمر المسلمين وقلدني خلافته العمل فيهم عامة وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة بطاعته وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، وأن لا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا ولا مالا إلا ما سفكته حدوده وإباحته فرائضه، وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي، وقد جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه فإنه عز وجل يقول (أوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا)، فان أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للعتب مستحقا وللنكال متعرضا، وأعوذ بالله من سخطه، واليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته في عافية لي وللمسلمين والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، ان الحكم إلا لله يقضي الحق وهو خير الفاصلين، لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه، وأشهدت الله على نفسي بذلك وكفى بالله شهيدا، وكتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاه، والفضل بن سهل، ويحيى بن أكثم، و عبد الله بن طاهر، وثمامة بن أشرس، وبشر بن المعتمر، وحماد بن النعمان، في شهر رمضان سنة احدى ومائتين.
وقد ذكر ابن المعتز ذلك مع نصبه في قصائد منها:
وأعطاكم المأمون حق خلافة * لنا حقها لكنه جاد بالدنيا فمات الرضا من بعد ما قد علمتم * ولاذت بنا من بعده مرة أخرى وكان دخل عليه الشعراء فأنشد دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات وأنشد إبراهيم بن العباس:
أزالت عزاء القلب بعد التجلد * مصارع أولاد النبي محمد وأنشد أبو نؤاس:
مطهرون نقيات ثيابهم * تتلى الصلاة عليهم أينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له في قديم الدهر مفتخر
(٤٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 ... » »»
الفهرست