مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٧٢
وعزى أبو العيناء ابن الرضا عن أبيه قال له: أنت تجل عن وصفنا ونحن نقل عن عظتك وفي علم الله ما كفاك وفي ثواب الله ما عزاك، والأصل في مسجد رزد في كورة مرو انه صلى فيه الرضا (ع) فبنى مسجدا ثم دفن فيه ولد الرضا، ويروى فيه من الكرامات.
أبو الصلت وياسر وغيرهما: ان المأمون قال للرضا (ع): يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة مني، فقال الرضا: بالعبودية لله أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله. فقال له المأمون: فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا: إن كانت هذه الخلافة لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسكه الله وتجعله لغيرك وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك. فقال المأمون لابد لك من قبول هذا الامر. فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا. فما زال يجهد به أياما والفضل والحسن يأتيانه حتى يئس من قبوله فقال: فكن ولي عهدي، فقال الرضا: والله لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلوات الله عليهم اني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء والأرض وادفن في أرض غربة إلى جنب هارون، فقال: ومن الذي يقتلك أو يقدر على الاسائة إليك وأنا حي! قال: أما اني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال: إنما تريد التخفيف عن نفسك بهذا، قال: واني لاعلم ما تريد بذلك أن تقول للناس: ان علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل الدنيا زهدت فيه ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة، فقال المأمون: ان عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة نفر وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه فبالله اقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فان فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا: ان الله نهاني أن ألقي بيدي إلى التهلكة فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك وأنا أقبل ولاية العهد على انني لا آمر ولا أنهى ولا أفتي ولا أقضي ولا أولي ولا أعزل ولا أغير شيئا مما هو قائم. فأجابه المأمون إلى ذلك كله، وخرج ذو الرياستين قائلا: واعجبا وقد رأيت عجبا رأيت المأمون أمير المؤمنين يفوض أمر الخلافة إلى الرضا ورأيت الرضا يقول: لا طاقة لي بذلك ولا قوة لي عليه، فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منه.
ثم إنه خرج الفضل فأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى الرضا (ع) وانه
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»
الفهرست