مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٧٠
ضحكه، وكان يجلس على مائدة مماليكه ومواليه، قليل النوم بالليل، يحيي أكثر لياليه من أولها إلى آخرها، كثير الصوم، كثير المعروف والصدقة في السر وأكثر ذلك في الليالي المظلمة.
محمد بن عباد قال: كان جلوس الرضا (ع) على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيأ.
ولقيه سفيان الثوري في ثوب خز فقال: يا ابن رسول الله لو لبست ثوبا أدنى من هذا، فقال: هات يدك، فأخذ بيده وأدخل كمه فإذا تحت ذلك مسح، فقال:
يا سفيان الخز للخلق والمسح للحق.
يعقوب بن إسحاق النوبختي قال: مر رجل بأبي الحسن الرضا (ع) فقال له:
اعطني على قدر مروتك، قال (ع): لا يسعني ذلك، فقال: على قدر مروتي، قال إذا فنعم، ثم قال: يا غلام اعطه مائتي دينار.
اليسع بن حمزة في حديثه: ان رجلا قال له: السلام عليك يا ابن رسول الله أنا رجل من محبيك ومحبي آبائك مصدري من الحج وقد نفدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة فان رأيت أن تهيئني إلى بلدي ولله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة، فقام عليه السلام فدخل الحجرة وبقى ساعة، ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب فقال: خذ هذه المائتي دينار فاستعن بها في أمورك ونفقتك وتبرك بها ولا تتصدق بها عني اخرج ولا أراك ولا تراني. فلما خرج سئل عن ذلك فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضاء حاجته أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور، أما سمعت قول الأول:
متى آته يوما أطالب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه وفرق (ع) بخراسان ماله كله في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل: ان هذا لمغرم، فقال: بل هو المغنم لا تعدن مغرما ما ابتغيت به أجرا وكرما.
إبراهيم بن العباس: كان الرضا (ع) إذا جلس على مائدته أجلس عليها مماليكه حتى السايس والبواب. وله عليه السلام:
ليست بالعفة ثوب الغنى * وصرت أمشي شامخ الرأس لست إلى النسناس مستأنسا * لكنني آنس بالناس إذا رأيت التيه من ذي الغنى * تهت على التائه بالياس
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»
الفهرست