أخيه وإباحته دماء شيعتهم بدعواهم خلفا له بعده كان أحق بمقامه، فليس بشبهة (1) يعتمد على مثلها أحد من المحصلين، لاتفاق الكل على أن جعفرا لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل، بل الخطأ جائز عليه، والغلط غير ممتنع منه (2).
وقد نطق القرآن (3) بما كان من ولد يعقوب عليه السلام مع أخيهم يوسف عليه السلام وطرحهم إياه في الجب، وبيعهم إياه بالثمن البخس، وهم أولاد الأنبياء وفي الناس من يقول كانوا أنبياء (4).
فإذا جاز منهم مثل ذلك مع عظم الخطأ فيه، فلم لا يجوز مثله من جعفر بن علي مع ابن أخيه، وأن يفعل معه من الجحد طمعا في الدنيا ونيلها، وهل يمنع من ذلك أحد إلا مكابر معاند.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون للحسن بن علي عليه السلام ولد مع إسناده وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسماة بحديث، المكناة بأم الحسن بوقوفه وصدقاته (5)، وأسند النظر إليها في ذلك، ولو كان له ولد لذكره في الوصية.
قيل: إنما فعل ذلك قصدا إلى تمام ما كان غرضه في إخفاء ولادته، وستر حاله عن سلطان الوقت، ولو ذكر ولده أن أسند وصيته إليه لناقض غرضه خاصة وهو احتاج إلى الاشهاد عليها وجوه الدولة، وأسباب السلطان، وشهود القضاة ليتحرس بذلك وقوفه، ويتحفظ صدقاته، ويتم به الستر على ولده بإهمال ذكره وحراسة مهجته بترك التنبيه على وجوده، ومن ظن أن ذلك دليل على بطلان دعوى