أكثر الأمة وإلى وقتنا هذا باتفاق أهل السير لا يعرف مستقره ولا يعرف (1) أحد له أصحابا إلا ما جاء به القرآن من قصته مع موسى عليه السلام (2).
وما يذكره بعض الناس أنه يظهر أحيانا [ولا يعرف] (3) ويظن من يراه أنه بعض الزهاد، فإذا فارق مكانه توهمه المسمى بالخضر، ولم يكن عرفه بعينه في الحال، ولا ظنه فيها بل اعتقد أنه بعض أهل الزمان.
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عليه السلام من (4) وطنه وهربه من فرعون ورهطه ما نطق به القرآن، ولم يظفر بن أحد مدة من الزمان، ولا عرفه بعينه حتى بعثه الله نبيا ودعا إليه فعرفه الولي والعدو (5).
وقد كان من قصة يوسف بن يعقوب عليه السلام ما جاء به سورة في القرآن وتضمنت استتار خبره عن أبيه وهو نبي الله يأتيه الوحي صباحا [ومساء] (6) وما يخفى عليه خبر ولده، وعن ولده أيضا حتى أنهم كانوا يدخلون عليه ويعاملونه ولا يعرفونه، وحتى مضت على ذلك السنون والأزمان، ثم كشف الله أمره وظهر خبره، وجمع بينه وبين أبيه وإخوته (7)، وإن لم يكن ذلك في عادتنا اليوم ولا سمعنا بمثله.
وكان من قصة يونس بن متى نبي الله عليه السلام مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له، واستخفافهم بحقوقه (8)، وغيبته عنهم وعن كل أحد حتى لم