بعد، ينقلون إلى شيعته معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبته في مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه، وهم جماعة كان الحسن بن علي عليهما السلام عد لهم في حياته، واختصهم أمناء له (1) في وقته، وجعل إليهم النظر في أملاكه، والقيام بأموره بأسمائهم وأنسابهم وأعيانهم، كأبي عمرو عثمان بن سعيد السمان، وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد، وغيرهم ممن سنذكر أخبارهم فيما بعد إن شاء الله تعالى، (وكانوا أهل عقل وأمانة، وثقة ظاهرة، ودراية وفهم، وتحصيل ونباهة) (2) وكانوا معظمين عند سلطان الوقت لعظم أقدارهم وجلالة محلهم، مكرمين لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم، حتى أنه كان يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم، وهذا يسقط قولهم إن صاحبكم لم يره أحد، ودعواهم خلافه.
فأما بعد انقراض أصحاب أبيه فقد كان مدة من الزمان أخباره واصلة من جهة السفراء الذين بينه وبين شيعته، ويوثق بقولهم، ويرجع إليهم لدينهم وأمانتهم وما اختصوا به من الدين والنزاهة وربما ذكرنا طرفا من أخبارهم فيما بعد (3).
وقد سبق الخبر عن آبائه عليهم السلام بأن القائم عليه السلام له غيبتان، أخراهما أطول من الأولى (4) فالأولى يعرف فيها خبره، والأخرى لا يعرف فيها خبره، فجاء ذلك موافقا لهذه الأخبار، فكان ذلك دليلا ينضاف إلى ما ذكرناه، وسنوضح عن هذه الطريقة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فأما خروج ذلك عن العادات فليس الامر على ما قالوه، ولو صح لجاز أن ينقض الله تعالى العادة في ستر شخص، ويخفي أمره لضرب من المصلحة وحسن التدبير، لما يعرض من المانع من ظهوره.
وهذا الخضر عليه السلام موجود قبل زماننا من عهد موسى عليه السلام عند