الذي لأجله أوجبنا الامام حتى إذا فات إقامته (1) انتقض دلالة الإمامة، بل ذلك تابع للشرع، وقد قلنا إنه لا يمتنع أن يسقط فرض إقامتها في حال انقباض يد الامام أو تكون باقية في جنوب أصحابها، وكما جاز ذلك جاز أيضا أن يكون هناك ما يقوم مقامها، فإذا صرنا إلى ما قاله لم ينتقض علينا أصل.
وأما ما قاله أبو هاشم: من أن ذلك لمصالح الدنيا فبعيد، لان ذلك عبادة واجبة، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجبت.
على أن إقامة الحدود عنده على وجه الجزاء والنكال جزء من العقاب وإنما قدم في دار الدنيا بعضه لما فيه من المصلحة، فكيف يقول مع ذلك أنه لمصالح دنياوية، فبطل ما قالوه.
فإن قيل: كيف الطريق إلى إصابة الحق مع غيبة الامام.
فإن قلتم: لا سبيل إليها.
جعلتم الخلق في حيرة وضلالة وشك في جميع أمورهم.
وإن قلتم: يصاب الحق بأدلته.
قيل لكم: هذا تصريح بالاستغناء عن الامام بهذه الأدلة.
قلنا: الحق على ضربين عقلي وسمعي، فالعقلي يصاب بأدلته، والسمعي عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونصوصه، وأقوال الأئمة عليهم السلام من ولده، وقد بينوا ذلك وأوضحوه، ولم يتركوا منه شيئا لا دليل عليه.
غير أن هذا وإن كان على ما قلناه، فالحاجة إلى الامام قد بينا ثبوتها لان جهة الحاجة إليه المستمرة في كل حال وزمان كونه لطفا على ما تقدم القول فيه، ولا يقوم غيره مقامه، فالحاجة (2) المتعلقة بالسمع أيضا ظاهرة، لان النقل وإن كان واردا عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعن آباء الامام عليهم السلام