الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل، فصار ذلك إخلالا بلطف المكلف فقبح لأجله.
قلنا: (قد) (1) بينا في باب وجوب الإمامة بحيث أشرنا إليه أن انبساط يده عليه السلام والخوف من تأديبه إنما فات المكلفين لما يرجع إليهم، لأنهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكنوه فأتوا من قبل نفوسهم.
وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل: " من لم يحصل له معرفة الله تعالى في تكليفه وجه قبح " لأنه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة، فينبغي أن يقبح تكليفه.
فما يقولونه ها هنا من أن الكافر أتي من قبل نفسه، لان الله قد نصب له الدلالة (2) على معرفته ومكنه من الوصول إليها، فإذا لم ينظر ولم يعرف أتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه، فكذلك نقول: انبساط يد الامام وإن فات المكلف فإنما أتي من قبل نفسه، ولو مكنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه، لان الحجة عليه لا له.
وقد استوفينا نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه، وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج (3) إلى ذكره.
وأما الكلام في الفصل الثاني: فهو مبني على المغالطة ولا نقول: إنه لم يفهم ما أورده، لان الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه (في قوله) (4): إن دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة، لان كون الناس مع رئيس مهيب (5) متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا على كل حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض (6) بزمان الغيبة [لأنا في زمان الغيبة] (7) فلم يقبح التكليف مع فقده، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض.