هذه الأقوال بموجز من القول لان استيفاء ذلك موجود في كتبي في الإمامة على وجه لا مزيد عليه.
والغرض بهذا الكتاب ما يختص الغيبة دون غيرها والله الموفق لذلك بمنه.
والذي يدل على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفا في الواجبات العقلية فصارت واجبة، كالمعرفة التي لا يعرى (1) مكلف من وجوبها عليه، ألا ترى أن من المعلوم أن من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدب الجاني، ويأخذ على يد المتغلب، ويمنع القوي من الضعيف، وأمنوا ذلك، وقع الفساد، وانتشر الحيل، وكثر الفساد، وقل الصلاح، ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الامر بالعكس من ذلك، من شمول الصلاح وكثرته، وقلة الفساد ونزارته، والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء، فمن دفعه لا يحسن مكالمته، وأجبنا عن كل ما يسأل على (2) ذلك مستوفى في تلخيص الشافي (3) وشرح الجمل لا نطول بذكره ها هنا.
ووجدت لبعض المتأخرين كلاما اعترض به كلام المرتضى (ره) في الغيبة وظن أنه ظفر بطائل فموه به على من ليس له قريحة ولا بصر بوجوه النظر وأنا أتكلم عليه.
فقال: الكلام في الغيبة والاعتراض عليها من ثلاثة أوجه.
أحدها: أنا نلزم (4) الامامية ثبوت وجه قبح فيها أو في التكليف معها فيلزمهم أن يثبوا أن الغيبة ليس فيها وجه قبح، لان مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة، وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف ما لا يطاق (أن فيه وجه قبح) (5) وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفا لغيره.