والثاني: أن الغيبة تنقض طريق وجوب الإمامة في كل زمان، لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا في كل حال، وقبح التكليف مع فقده لانتقض (1) بزمان الغيبة، لأنا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه صفته (2) أبعد من القبيح، وهو دليل وجوب هذه الرئاسة، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته (3) في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل.
والثالث: أن يقال: إن الفائدة بالإمامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم، وذلك لا يحصل مع وجوده غائبا فلم ينفصل وجوده من عدمه، وإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلكم (4) وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد، ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة، فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال.
الكلام عليه أن نقول:
أما الفصل الأول من قوله: " إنا نلزم الامامية أن يكون في الغيبة وجه قبح " وعيد منه محض لا يقترن به حجة، فكان ينبغي أن يتبين وجه القبح الذي أراد إلزامه إياهم لننظر (5) فيه ولم يفعل، فلا يتوجه وعيده.
وإن قال ذلك سائلا على وجه: " ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح ".
فإنا نقول: وجوه القبح معقولة من كون الشئ ظلما وعبثا وكذبا ومفسدة وجهلا وليس شئ من ذلك موجودا ها هنا، فعلمنا بذلك انتفاء وجود (6) القبح.
فإن قيل: وجه القبح أنه لم يزح علة المكلف على قولكم، لان انبساط يده