على أن ما يقوم به الامام من الجهاد وتولية الامراء والقضاة وقسمة الفئ واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك، فقوله ساقط بذلك.
وأما من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه باطل، لأنه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الامام مطلقا على كل حال، ولكان يكون ذلك من باب التخيير، كما نقول في فروض الكفايات. وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كل حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنه يلزم على الوجهين جميعا المعرفة.
بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها، فلا يجب عليه المعرفة على كل حال.
أو يقال: إن (1) ما يحصل من الانزجار عن (2) فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة، فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل:
إنه لا بدل للمعرفة، قلنا: وكذلك لا بدل للامام على ما مضى - وذكرناه في تلخيص الشافي - وكذلك إن بينوا أن الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني قلنا: مثل ذلك في وجود الامام سواء.
فإن قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده.
فإن قلتم: يجب جميع ذلك على الله، فإنه ينتقض بحال الغيبة لأنه لم يوجد إمام منبسط اليد، وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق، لأنا لا نقدر على إيجاده، وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه، مع أن فيه أنه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير، وكيف يجب على زيد بسط يد الامام لتحصيل (3) لطف عمرو، وهل ذلك إلا نقض الأصول.