أدركته المنية ووافاه الاجل المحتوم، وخسره العالم الاسلامي، فما أشد ذلك اليوم في الاسلام، وما أعظم رزأه على الأمة، فقد فقدوا بموته العلم الصحيح، وفقدوا بموته عماد الاسلام، وركنه القويم، وصراطه المستقيم.
كانت وفاته ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر محرم سنة 460 ه.
ويستفاد من تاريخ تولده رحمه الله ووفاته أنه قد عمر خمسا وسبعين سنة، لأنه كما علمت ولد في شهر رمضان سنة 385 ه - أعني عام وفاة هارون بن موسى التلعكبري وبعد أربع سنين من وفاة الشيخ ابن بابويه الصدوق - ووروده العراق سنة 408 ه.
ومقامه مع شيخه المفيد رحمه الله كان نحوا من خمس سنين، لأنه توفي كما عرفت سنة 413 ه، ومقامه مع أستاذه السيد المرتضى رحمه الله نحوا من ثمان وعشرين سنة، لأنه توفي كما عرفت سنة 436 ه، فيكون قد بقي بعده أربعا وعشرين سنة، اثنتا عشرة سنة منها في بغداد، ومثلها في النجف الأشرف.
وقد تولى غسله ودفنه تلميذه الشيخ الحسن بن مهدي السليقي، والشيخ أبو محمد الحسن بن عبد الواحد العين زربي، والشيخ أبو الحسن اللؤلؤي.
ودفن في داره بوصية منه، وأرخ عام وفاته بعض الأدباء المتأخرين - مخاطبا مرقده الزاكي، كما هو مسطور على قبره اليوم بقوله:
يا مرقد الطوسي فيك قد انطوى * محيي العلوم فكنت أطيب مرقد بك شيخ طائفة الدعاة إلى الهدى * ومجمع الاحكام بعد تبدد أودى بشهر محرم فأضافه * حزنا بفاجع رزئه المتجدد وبكى له الشرع الشريف مؤرخا * أبكى الهدى والدين فقد محمد وتحولت الدار مسجدا في موضعه اليوم حسب وصيته أيضا، وهو مزار يتبرك به الناس من العام والخاص - حتى اليوم - وهذا المسجد من أشهر مساجد النجف الأشرف، فقد عقدت فيه - منذ تأسيسه حتى اليوم - عشرات حلقات التدريس من قبل كبار المجتهدين وأعاظم المدرسين.
فقد كان العلماء يستمدون من بركات قبر الشيخ رحمه الله لكشف غوامض