طالب عليه السلام وعن أهل بيته عليهم السلام، وانحرافه عن أتباع الأئمة أمثال الشيخ الطوسي ليس بالمستغرب.
كما لم يذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد مع أنه كان معاصره وفي بلدة واحدة (بغداد) وتتلمذ هو على كثير من أعلام الشيعة كما صرح بذلك في تاريخه، وتوفي بعد الشيخ الطوسي سنة 463 ه، أفليس هذا بمستغرب يا ترى؟
ولادته ونشأته:
ولد الشيخ الطوسي في طوس في شهر رمضان سنة 385 ه، وهاجر إلى العراق فنزل بغداد سنة 408 ه، وهو في الثالثة والعشرين من عمره.
وكانت الزعامة للمذهب الجعفري يوم ذاك لشيخ الأمة وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد رحمه الله فلازمه وتتلمذ عليه، كما أنه أدرك شيخه الحسين بن عبيد الله الغضائري المتوفى سنة 411 ه، وشارك أبا العباس أحمد بن علي النجاشي (صاحب كتاب الرجال المطبوع) والمتوفى سنة 450 ه في جملة من مشايخه.
وبقي على اتصاله بشيخه المفيد رحمه الله حتى توفي شيخه ببغداد ليلة الثالث من شهر رمضان سنة 413 ه، وكان مولده في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة 336 ه.
ولما توفي أستاذه المفيد رحمه الله انتقلت زعامة الدين ورئاسة المذهب إلى أعلم تلامذته (علم الهدى السيد المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي أخ السيد الرضي) فانحاز الشيخ الطوسي إليه ولازمه، وارتوى من منهله العذب، وعني به أستاذه المرتضى وبالغ في توجيهه أكثر من سائر تلامذته لما شاهد فيه من اللياقة التامة في العلم، وعين له في كل شهر اثني عشر دينارا، كما ذكر ذلك السيد علي خان في " الدرجات الرفيعة "، وغيره من أرباب المعاجم.
وبقي ملازما له طيلة ثلاث وعشرين سنة حتى توفي أستاذه المذكور لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 ه، وكان مولده في رجب سنة 355 ه، وعمره ثمانون سنة وثمانية أشهر وأيام.