ابن زياد: والله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به، قال: لا والله لا آتيك (1) به أبدا، أجيئك بضيفي تقتله؟! قال: والله لتأتين (2) به، قال: لا والله لا آتيك به.
فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي - وليس بالكوفة شامي ولا بصري غيره - فقال: أصلح الله الأمير، خلني وإياه حتى أكلمه، فقام فخلا به ناحية من ابن زياد، وهما منه بحيث يراهما، وإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان، فقال له مسلم: يا هانئ إني أنشدك الله أن تقتل نفسك، وأن تدخل البلاء على عشيرتك، فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إن هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا قاتليه ولا ضائريه، فادفعه إليه فإنه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة، إنما تدفعه إلى السلطان. فقال هانئ: والله إن علي في ذلك للخزي والعار، أنا أدفع جاري وضيفي وأنا حي صحيح أسمع وأرى، شديد الساعد، كثير الأعوان؟! والله لو لم أكن إلا واحدا ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه. فأخذ يناشده وهو يقول: والله لا أدفعه أبدا.
فسمع ابن زياد ذلك فقال: أدنوه مني، فأدني منه فقال: والله لتأتيني به أو لأضربن عنقك، فقال هانئ: إذا والله تكثر البارقة حول دارك فقال ابن زياد: وا لهفاه عليك! أبالبارقة تخوفني؟ وهو يظن أن عشيرته سيمنعونه؟ ثم قال: أدنو مني، فأدني، فاعترض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب وجهه وأنفه وجبينه وخده حتى كسر