وتقدم عابس بن [أبي] (1) شبيب (2) الشاكري فسلم على الحسين عليه السلام وودعه وقاتل حتى قتل رحمه الله.
ولم يزل يتقدم رجل رجل من أصحابه فيقتل، حتى لم يبق مع الحسين عليه السلام إلا أهل بيته خاصة. فتقدم ابنه علي بن الحسين عليه السلام - وأمه ليلى بنت أبي مرة (3) بن عروة بن مسعود الثقفي - وكان من أصبح الناس وجها، وله يومئذ بضع عشرة سنة، فشد على الناس، وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي تالله لا يحكم فينا ابن الدعي * أضرب بالسيف أحامي عن أبي ضرب غلام هاشمي قرشي ففعل ذلك مرارا وأهل الكوفة يتقون قتله، فبصر به مرة بن منقذ العبدي فقال: علي آثام العرب إن مر بي يفعل مثل ذلك إن لم أثكله أباه، فمر يشتد (4) على الناس كما مر في الأول، فاعترضه مرة بن منقذ فطعنه فصرع، واحتواه القوم فقطعوه بأسيافهم، فجاء الحسين عليه السلام حتى وقف عليه فقال: " قتل الله قوما قتلوك يا بني، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول! " وانهملت عيناه بالدموع ثم قال: " على الدنيا بعدك العفاء "