العرفاء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين، ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب، الذين رأيهم الخلاف والشقاق، (فمن يجئ بهم لنا فبرئ) (1)، ومن لم يكتب لنا أحدا فليضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغ علينا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا، صلب على باب داره، وألغيت تلك العرافة من العطاء.
ولما سمع مسلم بن عقيل رحمه الله بمجئ عبيد الله بن زياد الكوفة، ومقالته التي قالها، وما أخذ به العرفاء والناس، خرج من دار المختار حتى انتهى إلى دار هانئ بن عروة فدخلها، وأخذت الشيعة تختلف إليه في دار هانئ على تستر واستخفاء من عبيد الله، وتواصوا بالكتمان.
فدعا ابن زياد مولى له يقال له معقل، فقال: خذ ثلاثة آلاف درهم، ثم أطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه، فإذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم:
استعينوا بها على حرب عدوكم، وأعلمهم أنك منهم، فإنك لو قد أعطيتها إياهم لقد اطمأنوا إليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئا من أخبارهم، ثم اغد عليهم ورح حتى تعرف مستقر مسلم بن عقيل، وتدخل عليه.
ففعل ذلك وجاء حتى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم وهو يصلي، فسمع قوما يقولون: هذا يبايع للحسين، فجاء فجلس إلى جنبه حتى فرغ من صلاته، ثم قال: يا عبد الله! إني امرؤ من أهل الشام، أنعم الله علي بحب أهل هذا البيت