قال لا أبايع؟! والله إني لأظن أن امرءا يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة. فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت؟ يقول هذا وهو غير الحامد له في رأيه (1).
فأقام الحسين عليه السلام في منزله تلك الليلة، وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين. واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليه. وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجها إلى مكة، فلما أصبح الوليد سرح في أثره الرجال، فبعث راكبا من موالي بني أمية في ثمانين راكبا، فطلبوه فلم يدركوه فرجعوا.
فلما كان آخر (نهار يوم) (2) السبت بعث الرجال إلى الحسين بن علي عليهما السلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين: " أصبحوا ثم ترون ونرى " فكفوا تلك الليلة عنه ولم يلحوا عليه. فخرج عليه السلام من تحت ليلته - وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب - متوجها نحو مكة ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية - رضوان الله عليه - فإنه لما علم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدر أين يتوجه، فقال له: يا أخي أنت أحب الناس إلي وأعزهم علي ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق إلا لك وأنت أحق بها، تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن تابعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك، وإن