فصل وكان المأمون قد أنفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة وفيهم الرضا علي بن موسى عليهما السلام، فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤوه بهم، وكان المتولي لإشخاصهم المعروف بالجلودي (1)، فقدم بهم على المأمون فأنزلهم دارا، وأنزل الرضا علي بن موسى عليهما السلام دارا، وأكرمه وعظم أمره، ثم أنفذ إليه: إني أريد أن أخلع نفسي من الخلافة وأقلدك إياها فما رأيك في ذلك؟ فأنكر الرضا عليه السلام هذا الأمر وقال له: " أعيذك بالله - يا أمير المؤمنين - من هذا الكلام، وأن يسمع به أحد " فرد عليه الرسالة: فإذ أبيت ما عرضت عليك فلا بد من ولاية العهد من بعدي، فأبى عليه الرضا إباءا شديدا، فاستدعاه إليه وخلا به ومعه الفضل بن سهل ذو الرئاستين، ليس في المجلس غيرهم وقال له: إني قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي وأضعه في رقبتك، فقال له الرضا عليه السلام: " الله الله - يا أمير المؤمنين - إنه لا طاقة لي بذلك ولا قوة لي عليه " قال له: فإني موليك العهد من بعدي، فقال له: " أعفني من ذلك يا أمير المؤمنين " فقال له المأمون كلاما فيه كالتهدد له على الامتناع عليه، وقال له في كلامه: إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وشرط فيمن خالف منهم أن تضرب عنقه، ولا بد من قبولك ما أريده منك،
(٢٥٩)