الخيل وأصوات الرجال علم أنه قد أتي، فخرج إليهم بسيفه، واقتحموا عليه الدار، فشد عليهم يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من الدار، ثم عادوا إليه فشد عليهم كذلك، فاختلف هو وبكر بن حمران الأحمري فضرب فم مسلم فشق (1) شفته العليا وأسرع السيف في السفلى ونصلت (2) له ثنيتاه، وضربه مسلم في رأسه ضربة منكرة وثناه بأخرى على حبل العاتق (3) كادت تطلع على جوفه، فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت فأخذوا يرمونه بالحجارة، ويلهبون النار في أطنان القصب ثم يلقونها عليه من فوق البيت، فلما رأى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكة، فقال له محمد بن الأشعث: لك الأمان، لا تقتل نفسك، وهو يقاتلهم ويقول:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * إني (4) رأيت الموت شيئا نكرا ويجعل (5) البارد سخنا مرا * رد (6) شعاع الشمس فاستقرا كل امرئ يوما ملاق شرا * أخاف أن أكذب أو أغرا فقال له محمد بن الأشعث: إنك لا تكذب ولا تغر، فلا تجزع، إن القوم بنو عمك وليسوا بقاتليك ولا ضائريك (7). وكان قد أثخن بالحجارة