وحب من أحبهم؟ وتباكى له وقال: معي ثلاثة آلاف درهم، أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله، فكنت أريد لقاءه فلم أجد أحدا يدلني عليه ولا أعرف مكانه، فإني لجالس في المسجد الآن إذ سمعت نفرا من المؤمنين يقولون: هذا رجل له علم بأهل هذا البيت، وإني أتيتك لتقبض مني هذا المال وتدخلني على صاحبك، فإنما أنا أخ من إخوانك وثقة عليك، وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه.
فقال له مسلم بن عوسجة رحمه الله: احمد الله على لقائك إياي فقد سرني ذلك، لتنال الذي تحب، ولينصر الله بك أهل بيت نبيه عليه وآله السلام، ولقد ساءني معرفة الناس إياي بهذا الأمر قبل أن يتم، مخافة هذا الطاغية وسطوته، فقال له معقل: لا يكون إلا خيرا، خذ البيعة علي، فأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحن وليكتمن، فأعطاه من ذلك ما رضي به، ثم قال له: اختلف إلي أياما في منزلي فأنا طالب لك الإذن على صاحبك. فأخذ يختلف مع الناس، فطلب له الإذن فأذن له، فأخذ مسلم بن عقيل رضي الله عنه بيعته، وأمر أبا ثمامة الصائدي فقبض المال منه، وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضا، ويشتري لهم السلاح، وكان بصيرا ومن فرسان العرب ووجوه الشيعة.
وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم، وهو أول داخل وآخر خارج، حتى فهم ما احتاج إليه ابن زياد من أمرهم، وكان يخبره به وقتا فوقتا.
وخاف هانئ بن عروة عبيد الله بن زياد على نفسه فانقطع من حضور مجلسه وتمارض، فقال ابن زياد لجلسائه: ما لي لا أرى هانئا؟ فقالوا: هو