أيام، ونادى عبد الله بن الحصين (1) الأزدي - وكان عداده في بجيلة - بأعلى صوته: يا حسين، ألا تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله لا تذوقون منه قطرة واحدة حتى تموتوا عطشا، فقال الحسين عليه السلام:
" اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا ".
قال حميد بن مسلم: والله لعدته بعد ذلك في مرضه، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رأيته يشرب الماء حتى يبغر (2) ثم يقيئه، ويصيح:
العطش العطش، ثم يعود فيشرب الماء حتى يبغر ثم يقيئه ويتلظى عطشا، فما زال ذلك دأبه حتى (لفظ نفسه) (3).
ولما رأى الحسين نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد: " إني أريد أن ألقاك (4) " فاجتمعا ليلا فتناجيا طويلا، ثم رجع عمر بن سعد إلى مكانه وكتب إلى عبيد الله بن زياد:
أما بعد: فإن الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة، هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي أتى منه أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده، فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا [لكم] (5) رضى وللأمة صلاح.