انتصف النهار، فبينا هو يسير إذ كبر رجل من أصحابه فقال له الحسين عليه السلام: " الله أكبر، لم كبرت؟ " قال: رأيت النخل، فقال له جماعة من أصحابه: والله إن هذا المكان ما رأينا به نخلة قط، فقال الحسين عليه السلام: " فما ترونه؟ " قالوا: نراه والله آذان (1) الخيل قال: " أنا والله أرى ذلك " ثم قال عليه السلام: " ما لنا (2) ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهورنا، ونستقبل القوم بوجه واحد؟ " فقلنا: بلى، هذا ذو حسمى (3) إلى جنبك، تميل إليه عن يسارك، فإن سبقت إليه فهو كما تريد.
فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا (هوادي الخيل) (4) فتبيناها وعدلنا، فلما رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأن أسنتهم اليعاسيب (5)، وكأن راياتهم أجنحة الطير، فاستبقنا إلى ذي حسمى فسبقناهم إليه، وأمر الحسين عليه السلام بأبنيته فضربت.