الدار دخل على مسلم بن عقيل بالخبر، فإذا نسوة لمراد مجتمعات ينادين: يا عبرتاه! يا ثكلاه! فدخلت على مسلم بن عقيل فأخبرته فأمرني أن أنادي في أصحابه وقد ملأ بهم (1) الدور حوله، وكانوا فيها أربعة آلاف رجل، فناديت: يا منصور أمت، فتنادى أهل الكوفة واجتمعوا عليه، فعقد مسلم لرؤوس الأرباع على القبائل كندة ومذحج وأسد وتميم وهمدان، وتداعى الناس واجتمعوا، فما لبثنا إلا قليلا حتى امتلأ المسجد من الناس والسوق، وما زالوا يتوثبون حتى المساء، فضاق بعبيد الله أمره، وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر وليس معه في القصر إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس وأهل بيته وخاصته، وأقبل من نأى عنه من أشراف الناس يأتونه من قبل الباب الذي يلي دار الروميين، وجعل من في القصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون إليهم وهم يرمونهم بالحجارة ويشتمونهم ويفترون على عبيد الله وعلى أبيه ودعا ابن زياد كثير بن شهاب وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج، فيسير في الكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب (2) ويحذرهم عقوبة السلطان، وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت، فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس، وقال مثل ذلك للقعقاع الذهلي وشبث بن ربعي التميمي وحجار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري، وحبس باقي وجوه الناس عنده استيحاشا إليهم لقلة عدد من معه من الناس.
(٥٢)