وخرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل إلى سر من رأى، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك وأقام فيه يومه، ثم تقدم المتوكل بإفراد دار له فانتقل إليها.
أخبرني جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يحيى، عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام يوم وروده فقلت له: جعلت فداك، في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك. فقال: " هاهنا أنث يا بن سعيد! " ثم أوما بيده فإذا بروضات أنفات (1)، وأنهار جاريات، وجنان فيها خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، فحار بصري وكثر تعجبي، فقال لي: " حيث كنا فهذا لنا - يا ابن سعيد - لسنا في خان الصعاليك " (2).
وأقام أبو الحسن عليه السلام مدة مقامه بسر من رأى مكرما في ظاهر حاله، يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به فلا يتمكن من ذلك.
وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب، فيها آيات له وبينات، إن قصدنا لإيراد ذلك خرجنا عن الغرض فيما نحوناه.
وتوفي أبو الحسن عليه السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين، ودفن في داره بسر من رأى، وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو