والامتحان، ليمتاز المؤمن المخلص القوي الايمان من أو ضعيف الايقان، فإذا استعمله الأول انتفع به لا لخاصيته وطبعه، بل لتوسله بمن صدر عنه ويقينه وخلوص متابعته، كالانتفاع بتربة الحسين (ع) وبالعوذات والأدعية.
ويؤيد ذلك أنا ألفينا جماعة من الشيعة المخلصين كان مدار عملهم ومعالجتهم على الاخبار المروية عنهم (ع) ولم يكونوا يرجعون إلى طبيب، وكانوا أصح أبدانا وأطول أعمارا من الذين يرجعون إلى الأطباء والمعالجين.
ونظير ذلك الذين لا يبالون بالساعات النجومية، ولا يرجعون إلى أصحابها بل يتوكلون على ربهم ويستعيذون من الساعات المنحوسة ومن شر البلايا والأعادي بالآيات والأدعية أحسن أحوالا، وأثرى أموالا، وأبلغ آمالا من الذين يرجعون في دقيق الأمور وجليلها إلى اختيار الساعات وبذلك يستعيذون من الشرور والآفات وهناك ناحية أخرى في كتابنا هذا تسترعي انتباه القارئ، وربما أثارت فضوله فيتسائل ما معنى ذكر العوذات والأدعية والرقى في هذا الكتاب؟ وأين هذا من طب الأبدان؟
ولا بد من وقفه قصيرة مع القارئ لننظر معا تأثير ذلك في معالجة الأبدان فأقول: لما كان أئمة أهل البيت (ع) سموا بعلمهم عن البشر - بما للعلم من مفهوم واسع وشامل - فكانوا يستندون في ذلك إلى معين لا ينضب حيث أخذوا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو (ص) عن وحي السماء عمن أوجد الداء والدواء والمرض والشفاء.
فكانوا بلا ريب يدركون داء النفوس كما يدركون أمراض البدن واعراضه الخارجية فهم يصفون لشفاء الروح من آلامها المرهفة وأزماتها الخائفة كما يصفون الدواء لسائر أمراض البدن، وإن خير الأطباء من قدر على تشخيص الداء وعرف سيرة ومبعثه فوصف له علاجه الشافي، ولما كان كثير من الأمراض مبعثها الآلام النفسية نتيجة القلق والحزن والاضطراب والوحشة والخوف وأمثالها، وكان تأثيرها