قدم المؤمن لكونه أكثر، و «عرف» إما من المعرفة أو من التعريف والثاني أنسب، ولعل السائل سأل عن وقت الإ يمان والكفر، وعن سببهما جميعا ولذلك أجاب (عليه السلام) عنها بقوله عرف الله ايمانهم بولايتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق على ولايتنا في صلب آدم وهم ذر والذر واحدتها الذرة وهي تطلق على النملة الصغيرة وعلى ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة وكلاها محتمل، وبناء الأول على التشبيه في الصغر والدبيب، توضيح ذلك نسل آدم كانوا كامنين في صلبه فلما أراد الله تعالى أن يأخذ منهم الميثاق على الربوبية والرسالة والولاية تعلق نور إرادته وقدرته بآدم فانتقل كل من كان فيه من حد الكمون إلى حد الظهور على مثال الذر مع العقل والفهم فأخذ منهم الإقرار بالولاية فمنهم من أقر بها وآمن ومنهم من أنكرها وكفر فيومئذ كان الإيمان والكفر وامتاز المؤمن من الكافر.
فإن قلت: قوله (عليه السلام) «في صلب آدم» ينافي قوله «وهم ذر» لأنهم إن كانوا ذرا لم يكونوا في صلب آدم بل كانوا خارجين منه، وإن كانوا في صلبه لم يكونوا ذرا؟ قلت: لا تنافي بينهما لاحتمال كونهم ذرا وهم في صلبه، ولا بعد فيه بالنظر إلى القدرة القاهرة.
فإن قلت: هذا التوجيه ينافي ما في بعض الروايات من أنه أخذ منهم الميثاق بعد خروجهم من صلبه وهم ذر يدبون؟ قلت: لا يبعد أن يقال: إن أخذ الميثاق وقع ثلاث مرات تأكيدا ومبالغة مرة بعد عرك الطين حين خرجوا كالذر يدبون، ومرة حين كونهم ذرا في صلب آدم (عليه السلام) بعد تكميل خلقة، وقبل نفخ الروح فيه، ومرة ثالثة بعد نفخه حين خرجوا من صلبه يدبون حتى رآهم آدم (عليه السلام) والروايات الآتية في باب الكفر والإيمان ربما تشعر بذلك وهذا الذي ذكرته من باب الاحتمال والله أعلم بحقيقة الحال.
* الأصل:
5 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (يوفون بالنذر) قال: يوفون بالنذر الذي اخذ عليهم من ولايتنا.
* الشرح:
قوله (يوفون بالنذر) النذر التزام الشيء وإيجابه على نفسه، ومنه العهد الذي أخذه الله تعالى على عباده حين كونهم ذرا من ولاية الأئمة (عليهم السلام) والمراد بالوفاء بها الإقرار بها بعد وجودهم في الأعيان إلى انقضاء العمر.