(وأما بنعمة ربك فحدث) فقال عاصم: يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك إن الله عز وجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء.
* الشرح:
قوله (انه فدغم أهله وأحزن ولده بذلك) فاعل «غم» و «أحزن» ضمير راجع إلى عاصم، وأهله وولده مفعولان، يقال: غمه فاغتم وأحزنه فحزن. والباء في ذلك للسببية وذلك إشارة إلى المذكور من لبس العباء وترك الملاء.
قوله (علي بعاصم بن زياد) أي إيتونى وجيئوني به وهو مثل: عليك زيدا أو بزيد أي خذه.
قوله (أترى الله) الاستفهام على حقيقته أو للإنكار و «هو يكره» حال من فاعل أحل أي لا ينبغي أن يظن منه ذلك لأنه كالجمع بين النقيضين.
قوله (أنت أهون على الله من ذلك) كأن المراد أنك أهون وأخف من كل شيء خفيف هين على الله من أجل ذلك وهو أن ترى الله يكره أخذك من الطيبات بعد ما أحلها لك أو المراد أنك أهون على الله من ذلك أي من أن يكره أخذك منها وانما يكره ذلك لولاة الأمر ليقتدى بهم الفقراء، والله أعلم.
قوله (أو ليس الله يقول) الاستفهام لتقريره على الإثبات واعترافه بأن الأرض المدحوة وما فيها من ضروب الفواكه والحبوبات مثل الحنطة والشعير والأرز وسائر ما ينتفع به كالخوان الموضوع للأنام وانتفاعهم ليعلم أن الأخذ منها أحسن عند الكريم من تركها كما يحكم به التجربة في ضيافة الكرماء وقد رغب أكرم الأكرمين في الأخذ والتناول منها بقوله (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) وقوله (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون) وقوله (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) وقوله (اليوم أحل لكم الطيبات) وقوله (وما لكم إلا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه) وقوله (وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى.
قوله (أو ليس الله يقول مرج البحرين) المرج: الإرسال من «مرجت الناقة» إن أرسلتها، والبحرين: البحر الملح والبحر العذب، والبرزخ: الحاجز، أي: أرسل البحرين يلتقيان يتماسان سطوحهما بينهما حاجز من قدرة الله لا يبغيان أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة، هكذا ذكره بعض المفسرين، وفيه أقوال أخر.
قوله (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) اللؤلؤ: كبار الدر، والمرجان: صغاره والخرز الأحمر، قيل: