شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٤٤
الجشب»، والسياسة مصدر «سست الرعية سياسة» وهي القيام عليهم بما يصلحهم والتدبير في أمورهم والنظر إلى مصالحهم، وإنما أضافها إلى الليل لأن أكثر الفساد يقع فيه فهو أولى بأن يقع السياسة فيه، ولأن الأمير كثيرا ما يدبر أمور الرعية فيه، والسياحة مصدر ساح في الأرض يسيح سياحة» إذا ذهب فيها، وأصله من السيح وهو الماء الجاري على وجه الأرض، وإنما أضافها إلى النهار لأن الذهاب إلى الجهاد والجماعة ونحوهما الحركة في الأرض لإجراء الأحكام على الخلق ونحوه يقع في النهار غالبا، وحمل سياحته على الصوم بعيد في هذا المقام إذ لا مدخل لكثرة النعمة فيه إلا أن يكون المراد زجر النفس عنها، وهذا الحمل مع قلته منقول عن الشرع، قال ابن الأثير: ومنه حديث «سياحة هذه الأمة الصيام» قيل للصايم: «سائح» لأن الذي يسيح في الأرض متعيدا يسيح ولا زاد معه ولا ماء فحين يجد يطعم والصائم يمضي نهاره لا يأكل ولا يشرب فشبه به، والمراد بلبس الخش لبس الثوب الذي لا قدر له ولا قيمة يعتد بها ويأكل الجشب أكل طعام غليظ لا يميل إليه طبع أكثر الخلق أو أكل ما لا أدم معه.
قوله (فزوى ذلك عنا) أي فصرف ذلك الأمر وقبض عنا فهل رأيت يا معلى ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة إلا هذه الظلامة فإنها جعلت نعمة علينا لسقوط السياسة والسياحة ولبس الخشن وأكل الجشب وغيرها من المشقات التي لزم على صاحب هذا الأمر التزامها ليقتدي به الضعفاء ويهتدي به الأغنياء. والظلامة بالضم الحق الذي أخذ من صاحبه ظلما.
قوله (حين لبس العباء وترك الملاء) العباء بالفتح والمد جمع العباءة كذلك وهي كساء واسع من صوف، والملاء بالضم والمد جمع الملاءة كذلك وهي الإزار وكل ثوب لين رقيق. وفي النهاية:
قال بعضهم: إن الجمع ملأ بغير مد، والواحد ممدود، والأول أثبت.
* الأصل:
3 - علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): علي بعاصم بن زياد، فجيء به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول: (والأرض وضعها للأنام * فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام) [الله] يقول: (مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان) - إلى قوله - (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عز وجل:
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417