شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٤٦
الدر يخرج من المالح لا من العذب، فما وجه قوله يخرج منهما؟ أجيب بأن المراد أنه يخرج من مجتمعها أو من أحدهما وهو الملح إلا أنه لما اجتمع مع العذب حتى صار كالشئ الواحد كان المخرج من أحدهما كالمخرج منهما ولا يبعد أن يقال أن يخرج من العذب أيضا بتأثير المجاور وان كان خروجه منه أقل من خروجه من الملح، والغرض من ذكرهما أن الله تعالى أخرجهما لانتفاع الخلق، فلا وجه لتحريمهم على أنفسهم ما أحل الله لهم ولا لتنزههم عن ذلك مع القدرة وفيه مبالغة عظيم في مدح الدنيا والطلب لحلالها والتوجه إلى اكتساب طيباتها واستعمالها سيما لمن له أهل وعيال واتفق عليه علماء العامة والخاصة قال أبو عبد الله الآبي: ذم رجل الدنيا بحضرة علي رضي الله عنه فقال علي (عليه السلام) مالك ولذمها وهي دار غنى لمن تزود منها ودار عظمة لمن فهم عنها، ذكرت بسرورها السرور، ببلائها البلاء وهي مهبط وحي الله ومصلى ملائكته ومسجد أنبيائه ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الحسنات وأكلوا فيها الطيبات وشكروا لمنعمها» وفي الحديث «إذا قال الرجل لعن الله الدنيا قالت الدينا لعن الله أعصانا لربه» وفي آخر «لا تسبوا الدنيا فنعم مطية المؤمن هي بها يبلغ الخير وعليها ينجو من الشر».
قوله (فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال) أقسم بالقسم البار على ابتذال نعم الله تعالى واستعمالها يعني اظهارها وتشهيرها بالفعال، وهو الشكر الفعلي، أحب إلى الله من ابتذالها بالمقال وهو الشكر القولي وقد صرح بعض المحققين أن الشكر الفعلي أقوى دلالة على تعظيم المنعم من الشكر القولي.
قوله (وقد قال الله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)) حال عن فاعل «أحب» والمقصود أنه تعالى أمر بتحديث نعمته أداء لشكرها فإظهارها بالفعال أولى بالأمر به لكونه أحب وأقوى.
قوله (فقال عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت) يعني إذا كان ابتذال نعم الله وإظهارها بالفعال أحب إليه فعلى أي شيء وأي سبب اقتصرت من مطعمك على الأطعمة الجشوبة الغليظة وفي لبسك على الثياب الخشونة الخشنة.
قوله (فقال ويحك) فيه جواز أن يقول الرجل لغيره: ويحك، وقد يقال ويلك قال عياض:
«ويلك» كلمة يقال لمن وقع في هلكة و «ويحك» زجر لمن أشرف على الهلكة وقال الفراء ويح بمعنى ويل وقيل ويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيرثى له من غير ترحم عليه وويل بضدها وقيل: لا يراد بهما حقيقة الدعاء وإنما يراد بهما المدح والتعجب.
قوله (أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس) قدرت الشيء بالشيء قسته به وجعلته على مثاله واعتبرته على مقداره.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417