شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٩٩
الخلائق.
قوله (حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع (1) خان الصعاليك) الخان الذي ينزله شذاذ القوم ليس بعربي محض، والشناعة القبح يقال: منظر شنيع وأشنع ومشنع أي قبيح. والصعاليك جمع الصعلوك بالضم، وهو الفقير وإضافة الخان إليها لامية.
قوله (فقال: ههنا أنت يا ابن سعيد) يعني أنت بعد في هذا المقام من معرفتنا أو المراد أدن مني والأول أظهر.
قوله (فإذا أنا بروضات آنقات) أي معجبات مفرحات، والروضة البستان. يقال: روضة أنقتنى أي أعجبتني وفرحتني، والأنق بالفتح الفرح والسرور والشيء الأنيق والانق المعجب.
قوله (وروضات باسرات) أي طريات أو ذوات أنهار جاريات، والبسر بالضم الماء البارد والغض من كل شيء أو ذوات أثمار جديدة وعتيقة من البسر بالفتح. وهو خلط البسر بالتمر كما ذكره في الفائق.
قوله (فيهن خيرات عطرات) أي معطرات مطيبات، والعطر الطيب، يقال هي عطرة ومتعطرة أي متطيبة، والخيرات جمع خيرة بتشديد الياء أو سكونها على التخفيف لأن الخير بمعنى التفضيل لا يجمع. وكونهن خيرات باعتبار الخلق والخلق، ورشاقة القد، وصباحة الخد، والخلو من الطمث، وغيره مما يوجب النقص، ولعل علمه بتعطرهن باعتبار إشمام رايحتهن.
قوله (كأنهن اللؤلؤ المكنون) (2) أي المستور في وعائه، المصون عما يغيره عن صفائه فإن

1 - قوله «هذا الخان الأشنع» راوي الخبر وان كان معلى بن محمد وفيه ما سبق لكن العقل يهدي إلى صحته وحال المتوكل يقتضيه لأن الوارد في بلد إذا لم يكن له منزل مهيأ لابد أن ينزل بعض الخانات وكان على المتوكل أن يهيىء له (عليه السلام) دارا قبل وروده ولكنه كان صاحب لهو لا يفارقه ومتشاغلا بلذاته وفيه تيه وكبر لم يكن يتجرى أحد أن يكلمه في أمر العلويين فتغافل حتى ورد الإمام ولم يطلع ثم اعلموه بوروده. (ش).
2 - قوله «كأنهن اللؤلؤ المكنون» ضمير جماعة الإناث في (كأنهن) للخيرات العطرات، والولدان كلمة معترضة بين المشبه والمشبه به، وقال المجلسي رحمه الله ما معناه: لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية أراه (عليه السلام) ذلك لأنه مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا، ثم ذكر وجوها استجود رابعها وهو أن النشئات مختلفة والحواس في إدراكها متفاوتة كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يرى جبرئيل وسائر الملائكة عليهم السلام والصحابة لم يكونوا يرونهم وأمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يرى الأرواح في وادي السلام وحبة وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الأمور في جميع الأوقات حاضرة عندهم (عليهم السلام) ويرونها ويتلذذون بها، لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية لم يكن ساير الخلق يرونها فقوى الله بصر السائل بإعجازه (عليه السلام) حتى رآها فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادى السلام جنات وأنهار ورياض وحياض يتمتع بها أرواح المؤمنين كما ورد في الأخبار بإجسادهم المثالية اللطيفة ونحن لا نراها، وبهذا الوجه ينحل كثير من الشبه عن المعجزات وأخبار البرزخ والمعاد. انتهى، وبعبارة المجلسي رحمه الله ينحل أيضا شبهة أخرى عن ذهن من ينسبه إلى الحشو والجمود المحض إذ لا فرق بين ما أشار به من أخبار البرزخ والمعاد وما ذكره أفاضل الحكماء كصدر المتألهين قدس سره فيهما كما لا يخفى على المتأمل. (ش).
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست