جعفر (عليه السلام) بكل حيلة فلم يمكنه فيه شيء فلما اعتل وأراد أن يبني عليه ابنته دفع إلي مائتي وصيفة من أجمل ما يكون، إلى كل واحدة منهن جاما فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر (عليه السلام) إذا قعد في موضع الأخيار، فلم يلتفت إليهن وكان رجل يقال له: مخارق صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا اكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار وجعل يضرب بعوده ويغني، فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت إليه لا يمينا ولا شمالا: ثم رفع إليه رأسه وقال: اتق الله يا ذا العثنون قال: فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات قال: فسأله المأمون عن حالة قال: لما صاح بي أبو جعفر فزعت فزعة لا افيق منها أبدا.
* الشرح:
قوله (قال: احتال المأمون) أراد بذلك الاحتيال إظهار عدم صلاحه على الخلق ليعلموا أنه ليس بأولى منه بالخلافة، وقوله: «اعتل» معناه عجز عن الاحتيال، واسم ابنته ام الفضل والمراد بالبناء التزويج والزفاف والجام طبق أبيض من زجاج أو فضة، والأجناد جمع الجند، وفي بعض النسخ «الأخيار» (1) بالخاء المعجمة والراء وقد نقل أنه جعل صداقها مثل صداق فاطمة عليها السلام خمسمائة درهم وجهز أسباب سفره (عليه السلام) وأذن له الرجوع مع زوجته إلى المدينة، و (2) كان (عليه السلام) فيها