شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٨٨
جعفر (عليه السلام) بكل حيلة فلم يمكنه فيه شيء فلما اعتل وأراد أن يبني عليه ابنته دفع إلي مائتي وصيفة من أجمل ما يكون، إلى كل واحدة منهن جاما فيه جوهر يستقبلن أبا جعفر (عليه السلام) إذا قعد في موضع الأخيار، فلم يلتفت إليهن وكان رجل يقال له: مخارق صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا اكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر (عليه السلام) فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار وجعل يضرب بعوده ويغني، فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت إليه لا يمينا ولا شمالا: ثم رفع إليه رأسه وقال: اتق الله يا ذا العثنون قال: فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات قال: فسأله المأمون عن حالة قال: لما صاح بي أبو جعفر فزعت فزعة لا افيق منها أبدا.
* الشرح:
قوله (قال: احتال المأمون) أراد بذلك الاحتيال إظهار عدم صلاحه على الخلق ليعلموا أنه ليس بأولى منه بالخلافة، وقوله: «اعتل» معناه عجز عن الاحتيال، واسم ابنته ام الفضل والمراد بالبناء التزويج والزفاف والجام طبق أبيض من زجاج أو فضة، والأجناد جمع الجند، وفي بعض النسخ «الأخيار» (1) بالخاء المعجمة والراء وقد نقل أنه جعل صداقها مثل صداق فاطمة عليها السلام خمسمائة درهم وجهز أسباب سفره (عليه السلام) وأذن له الرجوع مع زوجته إلى المدينة، و (2) كان (عليه السلام) فيها

(١) قوله «وفي بعض النسخ الأخيار» قال المجلسي - رحمه الله - كلاهما تصحيف والظاهر الأختان جمع الختن كما في نسخ مناقب ابن شهر آشوب ونعم ما قال. (ش).
(٢) قوله «مع زوجته إلى المدينة» لا يحضرني الآن تاريخ تزويج ابنة المأمون وكان ولادة الإمام كما ذكر سنة خمس وتسعين ومائة وكان وفاة أبيه عليهما السلام سنة ثلاث ومائتين وقدم المأمون بغداد سنة أربع وكان الإمام أبو جعفر (عليه السلام) في المدينة ثم استقدمه إلى بغداد وزوجه ابنته في بعض سنى إقامته في بغداد، ولم يتفق لي العثور على تاريخه ولا في مدة إقامته حتى رجع إلى المدينة، وقال المؤرخون: إن يحيى بن أكثم تولى قضاء البصرة سنة اثنتين ومائتين وأما قضاه بغداد فلا أعلم تاريخه وذكروا أن يحيى بن أكثم كان في مجلس عقد أبي جعفر (عليه السلام) فإن فرضنا أنه (عليه السلام) كان ابن ست عشرة سنة كان استقدامه في سنة عشر ومائتين تقريبا ولعل يحيى حينئذ انتقل من قضاء البصرة إلى قضاء بغداد، وروى عن المناقب أنه (عليه السلام) كان ابن تسع سنين وقريب منه عن محمد بن طلحة. ثم إن المأمون لم يحبسه عنده بعد التزويج بل أرجعه مع زوجته أم الفضل إلى المدينة وكان ينفذ إليه كل سنة ألف ألف درهم وأكثر على ما حكاه ابن العماد الحنبلي وكان هناك إلى أن قبض المأمون سنة ثمان عشرة وتولى أخوه المعتصم فاستقدمه سنة عشرين فكان (عليه السلام) جميع مدة إمامته معاصرا للمأمون الا سنتين من آخرها وكان قاطنا بمدينة الرسول (عليه السلام) إلا مرتين قدم بغداد أولاهما لأجل تزويج ابنة المأمون والأخرى سنة عشرين التي ارتحل فيها في خلافة المعتصم ولم يكن غرض المأمون من استقدامه وتزويجه قتله أو حبسه ومنعه من معاشرة شيعته واختلافهم إليه بل التقرب إلى الشيعة تأليفا لقلوبهم حتى لا يجاهروا بعداوته ولا يتبعوا من يخرج عليه من آل أبي طالب من الزيدية وغيرهم وأمثال هذه الأغراض مع أن المأمون كان متبرعا من حشوية أهل الحديث والظاهريين من منتحلي السنة وكان يريد أن يمزج بعض ما استفاده من الرضا (عليه السلام) في عقايد العامة تعديلا لهم. (ش).
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417