قلت: سبحان الله ما أقل ضربك (1) في دهرنا هذا، فقال لي: والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك، فقلت له: اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك، فقال لي: وهل تعرف بيت المقدس؟
قلت: لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام قال: ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت آل محمد، فقلت له: أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس، فقال لي تلك محاريب الأنبياء، وإنما كان يقال لها: حظيرة المحاريب حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الأسماء وهو قول الله تبارك وتعالى - البطن لآل محمد والظهر مثل -: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد، تعرضت إليك بحارا وغموما وهموما وخوفا وأصبحت وأمسيت مؤيسا إلا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي: ما أرى امك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بامك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من شهره ذلك، فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد (صلى الله عليه وآله) التي يقال لها:
طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب.
ثم اعمد إلى موضع منها يقال له البقيع، ثم سل عن دار يقال لها: دار مروان (2)، فانزلها وأقم ثلاثا. ثم سل [عن] الشيخ الأسود الذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم اسمها الخصف، فالطف بالشيخ وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزواية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع. ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه أو يصفه لك، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك.
قلت: فإذا لقيته فأصنع ماذا؟ قال: سله عما كان وعما هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي، فقال له أبو إبراهيم (عليه السلام): قد نصحك صاحبك الذي لقيت. فقال الراهب: ما اسمه جعلت