الصانع وكمال قدرته وإن كان كل شيء عبرة لكنه أعظم العبر إذ لم يعهد بعد شهودهم وجود إنسان بلا أب وهو أيضا فتنة أي امتحان واختيار لشكر أرباب العقول الخالصة من زيغ الشك والوهم لأنهم يقابلون كمال عظمته وقدرته وإحسانه وجوده بإعطاء الوجودات ولواحقها من العطايا العظام والنوائل الجسام بالقول والثناء الجزيل، والفعل الحسن الجميل، ويذعنون أنه مولاها ويعتقدون أنه معطيها.
قوله (ولا أدري ما بطانتها) للاسم الأعظم باطن في غاية الدقة والخفاء وظاهر وهو كالشرح للباطن والشريعة للأزكياء وماهية وكيفية ليست لسائر الأسماء وبعد ذلك لابد من العلم بكيفية الدعاء، وقد حلف الراهب بأنه لا يدري شيئا من هذه الأشياء.
قوله (وزعمت الهند) الهند هنا جيل معروف والنسبة هندي.
قوله (وهل تعرف بيت المقدس) قال في النهاية: سمي بيت المقدس لأنه الموضع الذي يتقدس فيه الذنوب، يقال: بيت المقدس والبيت المقدس وبيت القدس بضم الدال وسكونها سأله عن بيت المقدس وأراد به معنى هو بيت آل محمد (صلى الله عليه وآله) وحمله الراهب على معنى آخر معروف عنده وهو بيت المقدس الذي بالشام فرد عليه بأن هذا البيت ليس بيت المقدس في الأصل وإنما كان يقال له: حظيرة المحاريب ثم بدله أهل الشرك وسموه بيت المقدس وبيت المقدس إنما كان في الأصل بيت آل محمد (صلى الله عليه وآله) لتطهره عن النقائص والعيوب، وتنزهه عن الرذايل والذنوب.
قوله (وهو قول الله تعالى - البطن لآل محمد والظهر - مثل إن هي) قوله: إن هي مقول القول وقوله: «البطن لآل محمد والظهر مثل) إشارة إلى أن للآية ظاهرا وباطنا الظاهر بيان لما فعله المشركون من تبديل اسم الإله ونقله عن موضعه وهو الله جل شأنه إلى الأصنام حتى سموها آلهة، والباطن بيان لما فعله الجاهلون من تبديل اسم البيت المقدس ونقله عن موضعه وهو بيت آل محمد (صلى الله عليه وآله) إلى البيت الذي في الشام وهو حظيرة المحاريب والله أعلم.
قوله (مؤيسا إلا أكون ظفرت بحاجتي) قيل هذا الاستثناء من قبيل قولك أسألك إلا فعلت والاستثناء من المعنى كأنك قلت: لا أسال إلا فعلك، وههنا كأنه قال: كنت في جميع الأحوال والأوقات مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي أو قل: يحتمل أن يكون ألا بفتح الهمزة ومتعلقا بمؤيسا مفعولا له على تضمين الخوف والقرينة أن اليأس مستلزم للخوف أي مؤيسا خايفا من أن لا أكون ظفرت بحاجتي والله أعلم.
قوله (ولا أزعم إلا أنه قد كان درس) أي قرأ السفر الرابع في شهر الإيقاع، خص السفر الرابع بالذكر لاشتماله على الدعاء والإنابة. وفيه دلالة على أن من أراد الإيقاع ينبغي أن يفعل مثل هذه