الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد، وهم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح وهم مهيج سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فاحفها السؤال واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، واه واها والصبر أيمن وأجمل ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا وتهضم حقها وتمنع إرثها ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر وإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان.
* الشرح:
قوله (ببقعتك) دل على أنها (عليها السلام) دفنت في بيتها (1) وبيتها قريب من بيته (صلى الله عليه وآله).
قوله (والمختار الله لها سرعة اللحاق بك) والمختار اسم فاعل مضاف إلى الفاعل والألف واللام فيه موصولة والسرعة مفعولة و «بك» متعلق باللحاق أي التي اختار الله تعالى لها سرعة اللحاق بك، وفيه إظهار التفجع والتشكي إليه من سرعة تواتر المصائب عليه بموته وموتها عقيبه، ثم أشار إلى التشكي إليه من قلة صبره ورقة تجلده وزوال قوة تحمله للمصيبة بها بقوله: «قل يا رسول الله عن صفيتك» أي عن مصيبتها «صبري» وعفى أي انمحى وزال عن سيدة نساء العالمين تجلدي أي جلادتي وقوتي، وقوله: «في صفيتك» إشارة إلى ما كان له (صلى الله عليه وآله) في حقها من التعظيم والإكرام والتبجيل ما لم يكن في حق غيرها حتى قال القرطبي على ما نقل عنه الآبي في كتاب إكمال الإكمال: إن فاطمة رضي الله عنها أحب بناته (صلى الله عليه وآله) وأكرمهن عنده وسيدة نساء الجنة وكان (صلى الله عليه وآله) إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيصلي ركعتين ثم أتى بيت فاطمة رضي الله عنها فيسأل عنها ثم يدور على نسائه إكراما لفاطمة واعتناء بها.
قوله (إلا أن لي في التأسي بسنتك في فرقتك موضع تعز) التأسي هنا إما بمعنى الاقتداء أو التعزي وهو التصبر عند المصيبة، وهذا كالعذر والتسلية لنفسه القدسية بأن مصيبة صفيتك وإن