شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢١٨
بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فأبى أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر (1) في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد أبيه ستة أشهر لما توفيت دفنها زوجها علي ابن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر (2) وصلى عليها علي وكان لعلي وجهة حياة فاطمة (3) فلما توفيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب فقال عمر لأبي بكر لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عساهم أن يفعلوا والله لأتينهم فدخل عليهم فكلمه علي (رضي الله عنه) وقال: إنك استبددت علينا بالأمر (4)

(١) قوله «فوجدت فاطمة على أبي بكر» ركب أصحابنا قياسا من هذا الحديث الذي رواه الشيخان وهو عندهم في غاية الاعتبار، ومن حديث آخر رواه الشيخان وغيرهما أيضا وهو «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني» وفي رواية: «يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها» فاستنتجوا منه أن أبا بكر أغصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآذاه، وتركيب القياس هكذا: إن أبا بكر مغضوب فاطمة، وكل مغضوب فاطمة مغضوب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأبو بكر مغضوب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويجيب مجيبهم بأنا نعلم إجماع الصحابة على خلاف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي ما يستفاد من مجموع الحديثين. (ش) (2) قوله «لم يؤذن بها أبا بكر» خفاء قبر فاطمة من أكبر الآيات الدالة على غضب فاطمة صلوات الله عليها على المتآمرين عليها وهو متواتر وتواتر الخفاء قرينة صحة الحديث ووقوع مضمونه وعدم صلاة أبي بكر عليها متفق عليه أيضا رواه البخاري ومسلم ولا يعبأ بما يخالفه. (ش) (3) قوله «كان لعلي وجهة حياة فاطمة» هذا كلام عائشة، ومعناه أن عليا (عليه السلام) في حياة فاطمة كان له من يتوجه إليه، ويستأنس به ويسر برؤيته، والوجهة ما يتوجه إليه كالقبلة ما يقبل إليه ومنه قوله تعالى: (ولكل وجهة هو موليها) فلما ماتت سلام الله عليها حزن لموتها، ولم يكن أحد يسر برؤيته، وكان جميع الناس في عينه مستنكرين، وحق له (عليه السلام) أن يستنكر بعد وفاة فاطمة جميع الكائنات كما قيل عن لسان آدم بعد قتل هابيل: «فوجه الأرض مغبر قبيح» لكن بيعته (عليه السلام) لأبي بكر لم يكن في الظاهر لاستنكاره الناس أو لإزالة غمه وحزنه كما زعمه عائشة ولكن لمصلحة رآها وأمر سبق إليه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يختلف المؤرخون في أنه (عليه السلام) لم يبايع ما دامت فاطمة حية مع تلك الهنات التي اتفقت عند باب بيتها ولم يستطيعوا أن يقهروه على البيعة بل أبى وأصر على الامتناع حتى ماتت فاطمة فأظهر الإطاعة.
(4) قوله «انك استبددت علينا بالأمر» هذا صريح في اختلاف رأيهم في الخلافة فكان علي (عليه السلام) يرى أولويته بالأمر وأبو بكر بالعكس، وكان وظيفة المسلمين في كل مورد اختلف هو (عليه السلام) مع غيره أن يتبعوا طريقته ويقبلوا قوله أما على مذهب الشيعة فواضح لعصمته وولايته. وأما عند أهل السنة فلما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله):
«إن الحق مع علي يدور معه حيثما دار» فلنا أن نركب قياسا نظير ما مر من حديث غضب فاطمة هكذا:
رأي أبي بكر مخالف لرأي علي (عليه السلام) في الخلافة (بمقتضى هذا الحديث) وكل رأي خالف رأي علي فهو مخالف للحق، فرأي أبي بكر مخالف للحق. مثله القياس المتألف من حديثين مضمون أحدهما افتراق امته على ثلاثة وسبعين فرقة كلهم هالك إلا واحدة، والآخر «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا» فنقول من الشكل الثالث: الناجي فرقة واحدة من فرق الإسلام فقط، والناجي تبعة أهل البيت فقط، ينتج أن تلك الفرقة الواحدة هي تبعة أهل البيت فقط. وهذا طريق حسن ينجح سالكه في نقض كل شريعة باطلة ومذهب غير صحيح كما قال الله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) وشأن من لا ينطق عن الله، وليس قوله مبنيا على أصل سديد أن ينسى ما التزم به يوما فيلتزم بعده بضده، وحكى أن بعض الزنادقة كان يرى قبح الزنا إذا أكره عليه فقط لا إذا وقع برضا الطرفين وكان يرى العقد على صبية لم تبلغ ثمان عشرة سنة قبيحا فقيل له: إن فلانا تزوج صبية بنكاح قبل هذه السن قال: بئس ما فعل، فقيل له: سهونا في النقل إنه لم يعقد عليها وإنما زنى بها برضاها، فبهت الذي كفر إذ لم يستطع أن يعترف بعدم قبحه بعد حكمه بقبح العقد. وروي أن رجلا سأل أبا حنيفة عن الصلوات الواجبة اليومية فأجابه هي خمس، وسأله عن الوتر فقال: هي واجبة قال الراوي: لا أدري أسهى في العدد أو في وجوب الوتر. (ش)
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417