109 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عيسى ومحمد بن عبد الله عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال الله تبارك وتعالى: يا محمد إني خلقتك وعليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجدني وتقدسني وتهللني، ثم قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة: محمد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا.
* الشرح:
قوله (يا محمد اني خلقتك وعليا نورا) الخطاب وقع بعد الوجود الشهودي والغرض منه مع علمه (صلى الله عليه وآله) بذلك هو الحث على الشكر لتلك النعمة العظيمة والفضيلة الجسيمة.
قوله (يعني روحا بلا بدن) يعني روحا مجردا صرفا بلا بدن مطلقا قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري وهو تأكيد لما مر وبيان لتقدمه في الوجود والشرف فلم تزل مذ خلقتك تهللني وتمجدني أي تذكرني بالعظمة والجلال قضاء لشكر تلك النعمة وهي نعمة الوجود وأداء لحق الثناء بالذات ثم جمعت روحيكما في مادة بدنية لكما طيبة نورانية كامنة في صلب آدم فجعلتهما واحدة باعتبار تعلقهما بتلك المادة المركبة كتعلق المجموع بالمجموع على سبيل التوزيع فكانت تمجدني وتقدسني وتهللني لمثل ما مر وزيادة الثناء هنا لزيادة النعمة.
وهكذا كانت تنتقل تلك المادة من أصلاب طاهرة إلى عبد المطلب ثم قسمتها ثنتين في صلب عبد الله وأبي طالب وتقسيمها باعتبار تقسيم المادة وتعلق كل واحدة بما يخصه من تلك المادة المركبة، وقسمت الثنتين ثنتين حيث خلق محمدا مما في صلب عبد الله وخلق عليا مما في صلب أبي طالب وخلق الحسن والحسين مما في صلبهما فصارت أربعة محمد واحد من عبد الله وعلي واحد من أبي طالب والحسن والحسين اثنان منهما، فقد ظهر من ذلك أن بينهم كمال الاتصال في الوجودين، وهذا الذي ذكرناه على سبيل الاحتمال والله أعلم بحقيقة الحال.
هذا وقال الفاضل الأمين الإسترآبادي: من الامور المعلومة أن جعل المجردين واحدا ممتنع وكذلك قسمة المجرد فينبغي حمل الروح هنا على آل جسمانية نورانية منزهة عن الكثافة البدنية، وقال بعض الأفاضل: المراد بخلق الروحين بلا بدن خلقهما مجردين وبجمعهما وجعلهما واحدة جمعهما في بدن مثالي نوراني لاهوتي وبتقسيمهما تفريقهما وجعل كل واحد منهما في بدن شهودي جسماني واستحالة تعلق الروحين ببدن واحد إنما هي في الأبدان الشهودية لا في الأبدان المثالية اللاهوتية.