يقول: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.
* الشرح:
قوله (قال سألته عن الإمام فوض الله) أي فوض الله إليه المنع والإعطاء في كل شيء حتى في العلوم.
قوله (وذلك أن رجلا) هذا كلام عبد الله بن سليمان والغرض منه بيان منشأ السؤال المذكور «ذلك» إشارة إليه وحاصله أن ثلاثة رجال سألوا أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسألة واحدة على سبيل التعاقب وهو أجاب كل واحد بجواب غير جواب الآخرين ثم قرأ آية سليمان (عليه السلام) (هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب) فسألته عن الإمام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود فقال: نعم، ثم قلت: أصلحك الله فحين أجابهم الإمام بهذا الجواب المشتمل على الاختلاف يعرفهم الإمام باختلاف حالاتهم وصفاتهم من الإيمان والنفاق وغيرهما قال (عليه السلام) - على سبيل التعجب -: سبحان الله ما تسمع الله يقول: (إن في ذلك) أي العذاب والنكال الوارد على الامم السالفة خصوصا على قوم لوط مثل الصيحة وتقليب المدينة وإمطار الحجارة ونحوها (لآيات للمتوسمين) الذين يتوسمون الأشياء ويتفرسون حقائقها وآثارها ومبادئها وعواقبها ويعلمون جميع ذلك وهم الأئمة (عليهم السلام).
و (انها) أي الآيات والعلم بها (لبسبيل) أي مع سبيل (مقيم) أو متلبس به وهو الإمام لا يخرج ذلك السبيل منها اي من تلك الآيات أبدا، ولعل فيه قلبا إذ الأنسب أنها لا تخرج من السبيل والغرض من ذكر الآية أن الإمام متوسم يعرف جميع الأشياء بسماتها وعلاماتها فكيف لا يعرف الرجال بحالاتهم وصفاتهم، ثم صرح بأن الإمام يعرفهم وقال: إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه من جهة ذاته وصفاته وأعماله وعقائده وعرف لونه الدال على خيره وشره وإن سمع كلامه من خلف حائط مثلا عرفه من صوته وإن لم يسمع كلامه قط ولم ير شخصه أبدا وعرف ما هو أمن أهل الإيمان أو الكفر أو النفاق ثم استشهد لعلمه بالرجال كلامهم وألوانهم بقوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم) أي لغاتكم وألوانكم (إن في ذلك لآيات) دلالة على حالاتكم (للعالمين) وهم العلماء من أهل البيت والأئمة من العترة (عليهم السلام) فليس أي الإمام يسمع شيئا من الأمر ينطق به من أمر الدين أو الدنيا أو السؤال إلا عرفه، أي ذلك الناطق أهو ناج ومن أهل إيمان أو هو هالك ومن أهل الكفر والنفاق؟ فلذلك يجيبهم على حسب اختلاف حالاتهم بالذي