شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٤٠
مبعثه (صلى الله عليه وآله) القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم وولد له بعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة (عليهما السلام)، وروي أيضا أنه لم يولد بعد المبعث إلا فاطمة (عليها السلام) وأن الطيب والطاهر ولدا قبل مبعثه، وماتت خديجة (عليها السلام) حين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الشعب وكان ذلك قبل الهجرة بسنة، ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) شنأ المقام بمكة ودخله حزن شديد وشكا ذلك إلى جبرئيل (عليه السلام) فأوحى الله تعالى إليه: اخرج من القرية الظالم أهلها، فليس لك بمكة ناصر بعد أبي طالب وأمره بالهجرة.
* الشرح:
قوله (قبل أن يبعث بأربعين سنة) دل على أنه بعث وقد مضى من عمره الشريف أربعون سنة، وقال عياض لم يختلف أنه ولد عام الفيل، واختلف في مبعثه فقيل على رأس أربعين ونقل عن ابن عباس على رأس ثلاث وأربعين سنة.
قوله (وحملت به امه في أيام التشريق) هنا سؤال مشهور وهو أنه يلزم منه مع تاريخ مولده أن يكون مدة حمله ثلاثة أشهر أو سنة وثلاثة أشهر وهذا مخالف لما اتفق الأصحاب عليه من أن مدة الحمل لا تزيد على سنة ولم ينقل أحد أن ذلك من خصائصه، والجواب أن المراد بأيام التشريق الأيام المعلومة من شهر جمادى الأول الذي وقع فيه حج المشركين في عام الفيل باعتبار النسيء (1) حيث كانوا يؤخرون الحج عن ذي الحجة فيحجون سنتين في محرم وسنتين في صفر

(1) قوله «باعتبار النسيء» هذا احتمال ذكره بعض المجازفين فتبعه الشارح من غير تحقيق واعتبار وكان النسيء متداولا بين الناس قبل الإسلام ولم يرتفع إلا بعد حجة الوداع وكان حج الناس ومناسكهم وتشريقهم مطابقا للنسيء، قال المسعودي في مروج الذهب: وقد كانت العرب في الجاهلية تكبس في كل ثلاث سنين شهرا وتسميه النسيء وقد ذم الله تبارك وتعالى فعلهم بقوله (إنما النسيء زيادة في الكفر) فإن أراد القائل المجازف أن أيام التشريق التي حملت فيها امه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في ذي الحجة لكن لو فرضنا عدم النسىء قبل حجة الوداع وحسبنا الشهور من غير ملاحظة النسىء كان الشهر الذي سموه ذا الحجة وحجوا فيه مطابقا لجمادى الأول الواقعي في سنة ولادة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) وحمله فهذا خطأ لأنا إن أسقطنا اعتبار النسيء وحسبنا السنين والشهور كما نحسب بعد حجة الوداع على ما نحن عليه الآن انطبق ذو الحجة في سنة حمل خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) على المحرم لا على جمادى على ما سنبين إن شاء الله تعالى.
وكان بناء الناسئين على أن يزيدوا شهرا في كل ثلاث سنين أو سنتين لئلا يتزايل الشهور القمرية عن الفصول الشمسية فكانت سنتان عندهم اثني عشر شهرا والسنة الثالثة ثلاثة عشر بزيادة شهر بعد ذي الحجة كما يفعله اليهود حتى الآن، وكان نتيجة هذا العمل أن يصير المحرم حلالا بعد ذي الحجة وهو الشهر الثالث عشر ويصير شهر صفر مكان المحرم من الأشهر الحرم، وقال مجاهد على ما نقله الطبري: ثم يسمون رجب جمادى الآخرة ثم يسمون رمضان شعبان ثم يسمون شوال رمضان ثم يسمون ذا القعدة شوال ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة ثم يسمون المحرم ذا الحجة ويحجون فيه واسمه عندهم ذوا الحجة ثم عادوا مثل هذه القصة انتهى.
لكن الله تعالى أبطل ذلك بقوله (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا) أي ليس أزيد من ذلك ولا تصير أبدا ثلاثة عشر بزيادة النسيء أي الشهر الزائد. وزيادة الشهور في مدة ثلاث وستين سنة ثلاثة وعشرون شهرا على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
ثم إن المعتاد والمتعارف بين الناس أنهم إذا أطلقوا أسامي الشهور لم يريدوا إلا المتداول لا المفروض المتوهم، ألا ترى أن العجم بعد التاريخ الجلالي المتداول إذا أطلقوا فروردين واردى بهشت وغيرهما لم يريدوا إلا ما تداول بينهم لا ما لو فرض عدم جعل التاريخ الجلالي وبنى على التاريخ القديم بحذف أيام الكبيسة كان يسمى فروردين وينطبق على آبان مثلا، وكذلك المؤرخ الذي ذكر تاريخ الحمل والولادة في أيام التشريق أو الربيع الأول لم يرد إلا المتداول بينهم وهو مع ملاحظة النسي فالصحيح ما ذكره السهيلي في شرح السيرة وغيره من العارفين غير المجازفين أن قضية الحمل في أيام التشريق لا ينطبق إلا مع قول زبير بن بكار أن مولده (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في شهر رمضان والجمع بين الحمل أيام التشريق والولادة في ربيع الأول غير ممكن، والأصح إنكار تاريخ الحمل. (ش)
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417