هذه الجملة على السابقة لانقطاعها عنها أو لأنها مستأنفة، فكأن السائل لما سمع أن الرحمة في الآية السابقة عبارة عن طاعة الإمام سأل عن الرحمة التي في هذه الآية فاجابه بأن الرحمة فيها عبارة عن علم الإمام، فليتأمل.
قوله (فسأكتبها) أي فساثبت الرحمة وإقرارها عند ظهور المهدي (عليه السلام) للذين يتقون ولاية غير الإمام العدل وطاعته (ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا) أي بالأئمة يؤمنون (الذين يتبعون النبي الامي الذين يجدونه (أي النبي والوصي) مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) أسماء وصفة وإنما أفرد الضمير لأن أمرهما أمر واحد ومتابعتهما كمتابعة واحد والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام وظهر، وينهاهم عن المنكر (1) وهو جحد فضل الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويحل لهم الطيبات وهي أخذ العلوم والأحكام من أهلها، ويحرم عليهم الخبائث وهي قول من خالف الإمام وأخذ العلم من غير أهله، ويضع عنهم إصرهم بالتوبة والرجوع إلى الإمام والإصر هي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام، ويضع عنهم الاغلال التي كانت عليهم وهي قوله: بما لم يؤمروا به، من ترك فضل الإمام فلما عرفوا فضله ورجعوا عما كانوا عليه وضع عنهم آثام ذلك.
قوله (والإصر الذنب) الإصر في الأصل الحبس والثقل الذي يأصر حامله أي يحبسه في مكان لفرط ثقله، ثم شاع استعماله في الوزر والذنب العظيم فهو أعم من الذنب والتعريف اللفظي بالأعم جايز.
قوله (وهي الآصار) أي الأغلال وهي جمع إصر كأحمال جمع حمل.
قوله (ثم نسبهم) أي ذكر نسبهم وحليتهم وصفاتهم الكاملة فقال: (الذين آمنوا) يعني بالإمام وفي القرآن (فالذين آمنوا به وعزروه) أي عظموه بالتقوى والكمال ونصروه في أمر الدنيا والدين باليد واللسان (واتبعوا النور الذي أنزل معه) أي واتبعوا مع اتباعه النور الذي انزل فيكون «معه» متعلقا باتبعوا. ولعل المراد بالنور القرآن سمى به لأنه مظهر لحقائق الأشياء كما أن النور مظهر للأشياء. وقال علي بن إبراهيم: هو أمير المؤمنين (عليه السلام).
قوله (والعبادة طاعة الناس) الطاعة لأحد تسمى عبادة ولذلك قال الله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان) وقد مر أن المطاع إن كان من أهل الحق كانت الطاعة له طاعة الله