ليالي القدر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وإلى الأوصياء إفعل كذا وكذا، لأمر قد كانوا علموه، امروا كيف يعملون فيه، قلت: فسر لي هذا، قال: لم يمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا حافظا لجملة العلم وتفسيره، قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: هذا مما أمروا بكتمانه ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل.
قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه! قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا، لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد.
قال السائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا، قال أبو جعفر (عليه السلام): من أنكره فليس منا، قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي (صلى الله عليه وآله) هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟ قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم، قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.
* الشرح:
قوله: (أرأيت قولك في ليلة القدر) كان الرجل في مقام معارضة ودفع نزول الملائكة إلى علي بأنه (عليه السلام) كان عالما بجميع علم النبي (صلى الله عليه وآله) فإن نزل إليه الملائكة فإما ان تنزل إليه بعلم لم يعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو بعلم يعلمه وكلاهما باطل، لأن الأول يوجب أن يكون علي (عليه السلام) أعلم منه. والثاني يوجب تحصيل الحاصل، ولذلك غضب (عليه السلام) عليه وقال: ما لي ولك ومن أدخلك علي؟ ثم لما اعتذر السائل بقوله: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين وراعى الأدب; أجابه (عليه السلام) وكشف الغطاء بما لا مزيد عليه بقوله: فافهم إلى آخره.
قوله (وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر) لما كان هذا الكلام مجملا لاحتمال أنه يأتي نفس تفسيرها وتفصيلها في ليلة القدر واحتمال أنه يأتي الأمر بتفاصيلها; حمله السائل على الأول واستفهم على سبيل التقرير بقوله «أو ما كان في الجمل تفسير» يريد أن فيها