ويكون وسيلة لانضباطها ملكا كان أو روحا أو نفوسا كاملة شريفة قدسية أو نفسا علوية وإن كان محتملا لكنه بعيد جدا ويجري في الموصول الاحتمالان المذكوران، وجاء هذا الحديث في كتاب الجنائز بإسناد آخر وفيه: «يصعد فيها أعماله» بدون الباء، والوجه في بكائها مثل ما مر، ويمكن أن يقال الوجه فيه وفيما سبق: إن المؤمن الفقيه ينظر بعين البصيرة إلى ما في عالم الجسمانيات والمجردات ويعرف حقائقها وأحوالاتها ثم ينتقل ذهنه الذكي إلى عالم الربوبية وعالم التوحيد ويشاهد ما فيه من الحقائق الصافية عن الكدورات المطهرة عن أدناس الأوهام والتخيلات فهو يسافر بقدم الأفكار من الخلق إلى الحق فيكون لكل موجود في عالم الأرض والسماء، سيما الامور المذكورة رابطة معنوية وعلاقة طبيعية إلى ذاته، فإذا مات بكى عليه من شدة الحزن وغلبة الوجع، ثم إنه يمكن أن يكون بكاء هذه الامور محمولا على الحقيقة كما قيل مثل ذلك في تكلم الكعبة ونطق جوارح الإنسان يوم القيامة وتكلم بعض الأحجار إلى غير ذلك، ولا يبعد ذلك بالنظر إلى قدرة الباري وإقداره عليه.
وقيل: أراد المبالغة في تعظيم شأن المؤمن; لأن العرب كانت تقول في عظيم القدر إذا مات تبكيه السماء والأرض مبالغة في عظم قدره (1).
وقيل: إطلاق البكاء على بقاع الأرض وأبواب السماء مجاز في فقدهما لما ينبغي أن يكون فيهما من مساجد المؤمن ومصاعد أعماله، فإن من فقد شيئا يحبه وينبغي له يبكيه فأطلقه عليه إطلاقا لاسم الملزوم على اللازم.
وقيل: أراد بكاء أهل بقاع الأرض وأهل أبواب السماء من الملائكة والأرواح المقدسة والنفوس المجردة وغيرها - بحذف المضاف - وهم يبكون عليه تأسفا وتحزنا.
(وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء) وقد علل الجميع أو الأخير فقط بقوله:
(لأن المؤمنين الفقهاء) وهم العارفون بالمعارف الإلهية والعالمون بالشرائع النبوية والخالصون