شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٨٩
لازما تقول: ثلم الشيء يثلم من باب علم فهو أثلم بين الثلم فأي المعنيين مراد هنا؟
قلت: يحتمل أن يكون ثلم هنا لازما وثلمة فاعله، أي وقع في الإسلام ثلمة، ويحتمل أن يكون متعديا وفاعله ضمير فيه يعود إلى الموت وثلمة مفعوله.
فإن قلت: يجوز أن يوجد بدلا لمن مات فقيه آخر يسد الثلمة؟
قلت: الثلمة الحاصلة بموت الفقيه التي هي عين موته في الحقيقة; لأنه كان حصنا للإسلام وأهله لا يسدها شيء قطعا، بل لا يمكن سدها أبدا، ولو وجد فقيه آخر كان حصنا آخر غير الحصن المهدوم، وقيل في الجواب عنه: اللام في المؤمن الفقيه للجنس وقد ثبت أن رفع الجنس موجب لرفع جميع أفراده، فكذا حكم الموت; لأنه عدم، وفيه نظر لأن المقصود من الحديث بيان وقوع الثلمة بموت كل واحد من أفراد المؤمن الفقيه لا بموت مجموع الفقهاء، فليتأمل.
* الأصل:
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: «إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء; لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: إذا مات المؤمن) لا يبعد تقييده بالفقيه، كما يرشد إليه آخر الحديث:
(بكت عليه الملائكة) قيل: الملائكة أجسام لطيفة، وقيل: إنهم روحانيون منزهون عن الجسمية (1) ولا يبعد تخصيصهم بالكتبة لأعماله والحافظين لها والصاعدين بها إلى محل القبول

1 - أما من قال: إنهم أجسام لطيفة فنظر إلى ما ورد في الكتاب والسنة من وصفهم بصفات الأجسام كالنزول والصعود وكونهم اولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وكونهم بحيث لا يراهم أحد إلا الأنبياء والأولياء، ولولا لطافتهم لرآهم جميع الناس، ومن قال: إنهم منزهون عن الجسمية نظر إلى وصفهم بصفات يستحيل ثبوتها للأجسام مثل عدم تزاحمهم في الأمكنة ودخولهم مكانا لا منفذ له كبيت مغلق، وتمكنهم في مكان ضيق كمقام ملكين على طرفي فم الإنسان يكتبان ما ينطق به وغير ذلك مما لا يحصى. والحق أن أصل وجودهم روحاني مجرد كالإنسان فإنه إنسان بروحه المجردة وله تعلق ببدن، وكذا للملائكة تمثل بصورة مع تجردهم يراهم الأنبياء والأولياء بتلك الصورة كما تمثل لمريم بشر سويا، وقال تعالى: (لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا)، وهذه الصورة المتمثلة توصف بصفات الأجسام كالأجنحة ولا يمتنع عليها ما يمتنع على الأجسام المادية كالتزاحم والدخول في بيت مغلق، وإذا كانت الصور المنامية تتصف بصفات الأجسام كما قال تعالى: (سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف)، و (أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه) فما يراه الأنبياء يقظة أولى بأن يتصف بها، ولا يوجب الاتصاف بها كونها أجساما مادية. (ش)
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست