شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٩٥
((من أطرافها)) أي نواحيها.
(وهو ذهاب العلماء) من جعل تسخى على وزن ترضى من المجرد وجعل نفسي فاعله ورد عليه: أن سخاوة النفس فيما ذكر وقبولها إياه تامة لا يحتاج إلى ما بعده فلا يظهر لقوله: «قول الله» محل من الاعراب فاضطر إلى أن جعله مبتدأ وفينا خبره فورد عليه: أن هذا الكلام لا يظهر ارتباطه بما قبله ثم اضطر إلى أن قال: تسخى بمعنى تترك من سخيت نفسي عن الشيء بمعنى تركته، وقوله:
فينا قول الله» في قوة لكن فينا قول الله، ومعناه أنا لا نسارع إلى الموت والقتل مع زهادة أنفسنا في هذه الحياة الظاهرية إشفاقا على الناس من ذهاب العلم عنهم ووقوع النقص في أرضهم، لكن قول الله عز وجل فينا ذلك، جعل أنفسنا راضية في سرعة قبول الموت والقتل، والحق أن يسخي بتشديد الخاء من باب التفعيل والسخاوة الجود و نفسي» مفعوله و «قول الله» فاعله و «فينا متعلق بالسرعة، يعني مضمون هذه الآية وهو إتيان الله تعالى الأرض، ونقص أطرافها المراد به ذهاب العلماء يجعل نفسي سخية جوادا في قبول سرعة الموت والقتل فينا أهل البيت راغبة فيه.
ويؤيد تفسير نقص الأرض بذهاب العلماء ما نقل عن ابن عباس في تفسير هذه الآية من أن المراد بنقص الأرض من أطرافها موت أشرافها وكبرائها وعلمائها، وذهاب الصلحاء والأخيار.
فإن قلت: ما المراد من نقص الأرض من أطرافها ولم كان ذهاب العلماء سببا له؟
قلت: الله يعلم كما كان وجود العلماء سببا لعمارة الأرض ونظام أهلها بارتكابهم لما ينبغي واجتنابهم عما لا ينبغي من الأعمال والأخلاق كذلك ذهاب العلماء سبب لخراب الأرض وانتفاء نظام أهلها أو ارتكابهم لما لا ينبغي واجتنابهم عما ينبغي وذلك يوجب تفشي الظلم والجور، وهذا هو المراد بالنقص المذكور.
فإن قلت: لم كان مضمون الآية سببا لصيرورة نفسه القدسية سخية في الأمر المذكور؟
قلت: أولا: العلماء الكاملين، سيما الأئمة المعصومون (عليهم السلام) يحبون بقاءهم في الدنيا لا لركونهم إليها وحبهم لها بل لهداية أهلها وتكميل نظامهم رأفة بهم وشفقة عليهم، فإذا تعلق إرادة الله سبحانه ضلالتهم وفسادهم بسبب من الأسباب بذهاب العلماء رضوا بقضائه أشد الرضا ترجيحا لإرادته على إرادتهم وجادوا بنفوسهم من صميم القلب طلبا لمرضاته.
وثانيا: أن هذا الكلام منه (عليه السلام) ترغيب للمؤمن إلى الرضا بالموت أو القتل في تلك الحالة، أعني حالة أخذ العلماء وقبض نفوسهم الشريفة النورانية وإذهابهم عن وجه الأرض; لأن الأرض حينئذ ناقصة مظلمة مكدرة بالظلم والجور والفسق والشر ولا شبهة في أن موته في تلك الحالة ورجوعه إلى حضرة القدس خير له من بقائه فيها.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست