شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٥
مختلطة الرطب باليابس، ولفظ الضغث مستعار ومقصوده التصريح بلزوم الآراء الفاسدة والأهواء الباطلة لمزج الحق بالباطل وخلط قول الأنبياء بقول الأشقياء ونسج النور بالظلمة، ولذلك قال:
(فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه) استحوذ جاء على الأصل من غير إعلال وخرج عن حكم أخواته نحو استقال واستقام، أي ففي مقام اشتباه الحق بالباطل غلب الشيطان على أحبائه واستولى على أوليائه المستعدين لقبول وساوسه والقابلين لاتباع هواجسه بسبب تزيينه لهم الأهواء والأحكام الخارجة عن الكتاب والسنة، وإغوائه إياهم عن تميز الحق من الباطل فيما سلكوه من الشبهة اولئك سيجدون قبائح أعمالهم وعقائدهم وهم عليها واردون واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
وأما العارفون بالله بعين الحقيقة والسالكون إليه بنور البصيرة، وهم التابعون للأئمة (عليهم السلام)، والراجعون إليهم في حل الشبهات فلا سبيل له عليهم كما أشار إليه بقوله:
(ونجي الذين سبقت لهم من الله الحسنى) في مشيته وقضائه الأزلي وهم الذين أخذت العنايات الإلهية بأيديهم في ظلمة الشبهات وقادتهم التوفيقات الربانية إلى الأئمة الهداة للاستعلام عن حل المشكلات فاهتدوا بنور هدايتهم إلى تميز الحق من الباطل وتفريق الصحيح من السقيم اولئك هم عن النار مبعدون واولئك هم في الجنة خالدون، واعلم أن قصده (عليه السلام) من هذه الخطبة هو الشكاية عن الخلق بتركهم الإمام الهادي الفارق بين الحق والباطل بحيث لا يقع الاشتباه بينهما كما لا يقع الاشتباه بين ضوء النهار وظلمة الليل وتمسكهم بعقولهم الناقصة وآرائهم الفاسدة فصار ذلك سببا لانحرافهم عن القوانين الشرعية لسوء فهمهم وعدم وقوفهم على مقاصدها وضموا إليها متخيلات أوهامهم ومخترعات أفهامهم وحملوها على غير وجوهها كالمجسمة حين سمعوا مثل قوله تعالى:
(الرحمن على العرش استوى) حملوه على أنه تعالى جسم كالأجسام، وكالغلاة حين رأوا منه (عليه السلام) ما يدل على كرامته وولايته ضموا إليه شبهات نفوسهم واعتقدوا أنه رب، وكأهل النهروان حين رأوا ما وقع من التحكيم ضموا إليه مفتريات أذهانهم وظنوا أنه كاذب في دعوى الإمامة واستحقاق الخلافة وكذلك غير هؤلاء من أصحاب الملل الفاسدة، فصاروا بتلك العقائد من أولياء الشيطان وأعوانه في إضلال الناس ولو كانوا يرجعون إليه (عليه السلام) لخلصهم من تلك الشبهات ونجاهم من هذه الهلكات، والله ولي التوفيق، وإليه هداية الطريق.
* الأصل:
2 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي يرفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله».
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست