(فهم أشد منكم تقليدا) ولعل السر فيه أن لهم باعثا من الشيطان ولأهل الحق زاجر منه، فلذلك يتثاقلون في المتابعة، وفيه ترغيب في متابعته (عليه السلام) والرجوع إليه في الأحكام وغيرها مما هو سبب لمزيد الكرامة في دار المقامة وتوبيخ على الإعراض عنه والتثاقل في السماع منه.
* الأصل:
3 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله جل وعز: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، فقال: «والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم».
* الشرح:
(محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله جل وعز: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)، فقال: والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم، ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم) أي فاتبعوهم في تحليلهم وتحريمهم وأوامرهم ونواهيهم، وتلقوا بقبولها منهم، وتلك المتابعة عبادة لهم، أو فاتبعوهم في ذلك وعبدوا الله بحكمهم وتلك العبادة في الحقيقة عبادة لهم، وحينئذ قوله: «ما صاموا لهم ولا صلوا لهم» معناه ما فعلوا تلك العبادات ونظائرها لهم قصدا لعبادتهم ولكن اتبعوهم في ما وضعوا من الأحكام من عند أنفسهم وأتوا بالعبادة المستندة إليها، وتلك العبادة عبادة لهم من حيث لا يعلمون، وما تضمنه هذا الحديث ونظيره من أن الطاعة لأهل المعاصي عبادة لهم جار على الحقيقة دون التجوز لأن العبادة ليست إلا الطاعة والانقياد (1)، ولذلك جعل الله تعالى الهوى إلها لمن أطاعه فقال: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)، وإذا كان إطاعة الغير عبادة له كان أكثر الناس يعبدون غيره تعالى لأنهم يطيعون النفس الأمارة والقوى الشهوية والغضبية، وهي الأصنام التي هم عليها عاكفون، والأنداد التي هم لها عابدون، وهذا هو الشرك الخفي، فنسأل الله تعالى أن يعصمنا عنه ويطهر نفوسنا منه.