شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
بسببها كتاب الله، وذلك لأن المقصود من بعثة الرسل ووضع الشرائع وإنزال الكتب إنما هو نظام الخلق في أمر معاشهم ومعادهم وهدايتهم إلى صراط الحق، فكان كل رأي مبتدع أو هوى متبع خارجا عن كتاب الله وسنة رسوله وسببا لوقوع الفتنة والضلالة في الخلق وتبدد نظام وجودهم في هذا العالم وفي عالم الآخرة وذلك كأهواء البغاة وآراء الخوارج والغلاة وأضرابهم.
(يتولى فيها رجال رجالا) أي يتخذ طائفة من المائلين إلى تلك الأهواء والأحكام طائفة اخرى منهم أولياء ونواصر في تربيتها وتقوية تلك الأحكام التي ابتدعها ضال في الشريعة على خلاف الكتاب والسنة، ثم أشار إلى أن أسباب تلك الأهواء الفاسدة امتزاج المقدمات الحقة بالمقدمات الباطلة وأن مدارها عليه، وبين أن السبب هو ذلك الامتزاج بشرطيتين متصلتين إحداهما قوله:
(فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى) الحجى بكسر الحاء المهملة وفتح الجيم والقصر العقل أي فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق وتخليطه لم يخف الباطل على ذي عقل طالب للحق والتميز بينه وبين الباطل، كما لا يخفى التميز بين الرصاص الصرف والفضة الخالصة على أهل البصائر.
أما وجه الملازمة فهو ظاهر، فإن مقدمات الشبهة إذا كانت كلها باطلة لا يشوبها شيء من الحق أدرك العاقل الطالب للحق وجه فسادها بأدنى تأمل، ولم يخف عليه وجه بطلانها، ومن ثم قال المحقق الطوسي (رحمه الله): قد علم بالاستقراء أن مذاهب أهل الباطل كلها نشأت من مذاهب أهل الحق; إذ الباطل الصرف لا أصل له ولا حقيقة ولا يعتقده العاقل إلا إذا اقترن بشبه، وأما استثناء نقيض تاليها فلأنه لما خفي وجه البطلان على طالب الحق لم يكن الباطل خالصا من مزاج الحق فكان ذلك سبب الغلط واتباع الباطل; لأن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين والشرطية الثانية قوله:
(ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف) أي ولو أن الحق خلص من مزاج الباطل لم يكن اختلاف بين ذوي العقول الطالبين للحق كما لا يقع اختلاف في قبول الفضة الخالصة ورواجها، أما وجه الملازمة فهو ظاهر أيضا; لأن مقدمات الدليل الذي استعمله المبطلون لو كان كلها حقا وكان ترتيبها حقا كان اللازم حقا ينقطع العناد فيه والمخالفة له فلم يقع الاختلاف بينهم. وأما استثناء نقيض تاليها فلأنه لما وقع الاختلاف لم يكن الحق خالصا من مزاج الباطل، ثم أشار إلى ما هو في حكم نتيجة هذين القياسين بقوله:
(ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا) في المغرب: الضغث:
ملء الكف من الشجر أو الحشيش أو الشماريخ، وفي التنزيل: (خذ بيدك ضغثا)، قيل: إنه كان حزمة من الأسل وهو نبات له أغصان دقاق لا ورق لها، وفي الصحاح: الضغث قبضة حشيش
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست