شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٣١
فهم أشد منكم تقليدا».
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني) وكيل الناحية، ثقة على ما رواه الكشي.
(عن محمد بن عبيدة قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): يا محمد، أنتم أشد تقليدا أم المرجئة؟) التقليد اتباع الغير في القول والفعل والأمر والنهي من القلادة، وهي التي في العنق، والإرجاء التأخير، ويطلق المرجئة على فرقة مقابلة للشيعة لأنهم يؤخرون عليا (عليه السلام) عن مرتبته، وعلى فرقة مقابلة للوعيدية وهم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية (1) كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم، وقيل:
لتأخيرهم العمل بالسنة، وإطلاق المرجئة على هاتين الفرقتين مما صرح به الشهرستاني في الملل والنحل والمراد هنا الفرقة الاولى، ويمكن إرادة الفرقة الثانية أيضا.
(قال: قلت: قلدنا وقلدوا، فقال: لم أسألك عن هذا، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول) ليس الغرض من السؤال هو الاستعلام لأنه (عليه السلام) أعلم بذلك، بل الغرض منه التقرير والتوبيخ، أي حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه وذمه عليه، ومن كان عارفا بالقوانين العربية يعلم أنه ليس الغرض هنا تقرير أصل الفعل - أعني التقليد - لأنه ثابت محقق مفروغ عنه، فما أجاب به السائل لم يقع السؤال عنه فلذلك قال (عليه السلام): لم أسألك عن هذا، بل الغرض هو السؤال عن أشدية تقليد أحد الفريقين والتقرير عليها.
(فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن المرجئة نصبت رجلا) من عند أنفسهم لإمارتهم وإمامتهم.
(لم تفرض طاعته) بأمر الله تعالى وأمر رسوله بحسب الواقع ولا باعتقادهم أيضا.
(وقلدوه) في جميع أفعاله وأقواله وأوامره ونواهيه المخالفة لحكم الله وحكم رسوله وكتابه.
(وأنتم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته) على أنفسكم بأمر الله وأمر رسوله، وهو الجاذب لكم إلى الخيرات.
(ثم لم تقلدوه) فيما يأمركم به وينهاكم عنه موافقا للكتاب والسنة مما يتم به نظامكم في الدنيا والآخرة.

1 - هذا هو الصحيح المعروف من معنى المرجئة، وأما من أخر عليا (عليه السلام) عن مرتبته فإطلاق المرجئة عليه إطلاق خاص استعمله رجل لمناسبة وقرينة مثل إطلاق صاحب الفصول الفاضل المعاصر على صاحب القوانين وإطلاق الحكيم نصير الدين الطوسي الفاضل الشارح على فخر الدين الرازي لا أن ذلك اصطلاح شائع كما يتوهم من ظاهر عبارة الشارح. (ش)
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست