شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٣٠
وأما كون الانقياد لهم وقبول أوامرهم ونواهيهم عبادة لهم فلأن من أصغى إلى ناطق يؤدي من غير الله وتبعه على ذلك ورضي به فقد عبده، ومن ثم جعل الله تعالى متابعة الشيطان فيما يوسوس به عبادة له فقال: (بل كانوا يعبدون الجن)، وقال: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين).
وقال خليل الرحمن: (يا أبت لا تعبد الشيطان) وفيه ذم وتقريع لمن اتبع من لم يحكم بما أنزل الله وقلد من لم يكن مؤيدا بنور إلهي وموفقا بإلهام رباني فانظر رحمك الله هل يدخل فيه المجتهد المخطىء ومن قلده أم لا؟ ومن ذهب إلى الثاني لا بد له من الإتيان بنص يوجب إخراجهما عن هذا الحكم (1)، والله هو المستعان.
* الأصل:
2 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن محمد بن عبيدة قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): «يا محمد، أنتم أشد تقليدا أم المرجئة؟» قال: قلت: قلدنا وقلدوا، فقال:
«لم أسألك عن هذا»، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول، فقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه وأنتم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه،

١ - التقليد في اصطلاحنا غيره في اصطلاح الروايات لأنهم (عليهم السلام) أطلقوا اسم التقليد على اتباع قول المعصوم أيضا مع أن قول المعصوم يوجب العلم، ولا يسمى عندنا تقليدا، وأما جواز تقليد المجتهدين فضروري لا يحتاج إلى دليل; إذ لا بد أن يرجع الجاهل في كل شيء إلى العالم به ويقبل قوله وإلا لاختل نظام العالم وأجمع أهل الإسلام بل الملل عليه.
فإن قيل: أنكر الإخباريون جواز التقليد وإنكارهم قادح في الإجماع.
قلنا: إنهم لا يقدرون على التعبير عن عقائدهم ولا عن عمل أنفسهم، والعبرة في مثل هؤلاء بعملهم لا بقولهم; إذ لا يعلمون ما يقولون وإنا إذا رجعنا إلى عملهم وجدناهم يسأل جاهلهم عالمهم فيعملون به، وأما معذورية المجتهد إذا أخطأ مع عدم تقصيره فضرورية أيضا; إذ ما من مجتهد إلا وقد أخطأ في مسألة أو مسائل لعدم كونه معصوما عن السهو والخطأ إجماعا، وتكليف الإنسان غير المعصوم بأن لا يخطأ ولا يسهو تكليف بما لا يطاق.
فإن قيل: لو اقتصر المجتهد على الخبر لم يخطئ وإنما جاء الخطأ من قبل تمسكهم بالأدلة العقلية فهم غير معذورين.
قلنا: رأينا الإخباريين أيضا اختلفوا في مسائل ولا بد أن يكون بعضهم مخطئين مع عدم تمسكهم إلا بالخبر وذلك لاختلاف أنظارهم في مفاد بعض الروايات وترجيح بعضها على بعض، فبعضهم قائل بتحريف القرآن وبعضهم كصاحب الوسائل منكر له، وبعضهم قائل بوجوب صلاة الجمعة عينا وبعضهم ينكره، وهكذا. والبحراني قائل بنجاسة المخالفين وغيره قائل بطهارتهم، والعجب أن الشارح جار معهم على طريقتهم. (ش)
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست