(واتباعه الهوى) الهوى هو ميل النفس الأمارة بالسوء إلى مقتضى طباعها من اللذات الدنيوية على أنواعها حتى تخرج من الحدود الشرعية وتدخل في مراتع القوة السبعية والبهيمية.
(وطول الأمل) لما لا ينبغي أن يمد الأمل فيه من المقتنيات الفانية والمشتهيات الزائلة الآنية.
(أما اتباع الهوى فيصد عن الحق) أي يمنع عن العلم والعمل أو عما يتبعهما من السعادة التامة التي هي مشاهدة الجلالة والعظمة الربوبية ومجاورة الملأ الأعلى في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وذلك لأن اتباع النفس في ميولها الطبيعية والانهماك في لذاتها الفانية أشد جاذب للإنسان عن قصد الحق وأعظم صاد له عن سلوك سبيله، وعن الترقي من المنازل الناسوتية إلى المقامات اللاهوتية، وأفخم باعث على نومه في مهد الطبيعة البشرية وانتقاله منه إلى حضيض جهنم وابتلائه بالعقوبات الأبدية، كما قال سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله): «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه» (1).
(وطول الأمل ينسي الآخرة) لأن طول توقع الامور الدنيوية يوجب نسيان النفس وغفلتها عن الأحوال الاخروية، وهو مستعقب لانمحاء ما تصور في الذهن منها، وذلك معنى النسيان وبذلك يكون الهلاك الأبدي والشقاء الاخروي.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العلم مقرون إلى العمل) قيل: يعني العلم مقرون في كتاب الله مع العمل كقوله تعالى:
(الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وعلق المغفرة والنجاة عليهما، والأظهر أنه إخبار بأن العلم لا يفارق العمل; لأن من رسخت معرفته وتنور قلبه بنور العلم زينت جوارحه وأركانه بحلل الأعمال لما عرفت من أن العلم دليل وباعث عليه وبهما تتم الحقيقة الإنسانية ويحصل الاستحقاق للكرامة الأبدية.