عبد الله، ثقة عين.
(عن حسين الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة) أي بمعرفة ذلك العمل; لأن قبول العمل متوقف على معرفته تعالى، ومعرفة صفاته ورسوله المبلغ عنه، ومعرفة العمل ومأخذه الذي يجب الأخذ عنه، ومعرفة كيفيته وأجزائه وشرائطه ومفاسده وموانع صحته، فإذا حصلت تلك المعارف لأحد وعمل على وفقها كان عمله مقبولا وإلا فلا، ضرورة انتفاء الموقوف بانتفاء الموقوف عليه.
(ولا معرفة إلا بعمل) يجوز أن يكون معطوفا على «عملا» و «لا» لتأكيد النفي و «معرفة» منصوبة منونة يعني لا يقبل الله معرفة بعمل إلا بعمل ما يتعلق به تلك المعرفة وأن يكون معطوفا على قوله «لا يقبل» و «لا» حينئذ لنفي صفة الجنس و «معرفة» مبنية على الفتح، يعني لا معرفة في الحقيقة أو على وجه الكمال إلا إذا كانت مقرونة بعمل لأن العالم إذا لم يعمل بعلمه فهو والجاهل سواء، كما دل عليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله» (1)، وهذا كما يقال للبصير بالآيات والسامع لها إذا لم يقر بها: صم بكم عمي، ولأن العلم سبب للعمل ومؤثر فيه إذا كان ملكة راسخة وانتفاء الأثر دليل على انتفاء المؤثر، وأيضا العمل سبب لبقاء العلم واستمراره، فإذا انتفى العمل انتفى العلم وزال بالكلية، كما دل عليه قول الصادق (عليه السلام): «العلم يهتف بالعمل فإذا أجابه وإلا ارتحل عنه» (2).
(فمن عرف دلته المعرفة على العمل) إما نتيجة للسابق ومتفرع عليه، أو تفصيل له لما فيه من الإجمال في الجملة، والمقصود أن المعرفة إذا رسخت في النفس واستقرت فيها دلت العارف على العمل وتوصله إليه وتبعثه عليه والعمل من آثارها وتوابعها المترتبة عليها (3).
توضيح ذلك: أن المعارف والعلوم الراسخة أنوار للنفس الناطقة، وبها ينكشف عند النفس جلال الله وجماله وعظمته وقدرته فتصير تلك المعارف من أجل ذلك دليلا لها في انتقالها من مقام